Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

زائر الفجر

زائر الفجر

أفقت جزعا مرتعبا على ضرب عنيف على الباب ورنين متواصل للجرس ، يا اللّه سلّم سلّم.

سارعت إلى الباب مخافة أن يستفيق صغاري ، كانت زوجتي تغط في نوم عميق لم يخفف من ثقله صدى ضربات الطارق.

الساعة تشير إلى الثالثة صباحا ، من هذا الذي يجرؤ على إرعاب عائلة آمنة في هذا الوقت!

كنت أصغي بوضوح إلى دقّات قلبي وأنفاسي المتقطّعة ، لا بد أن الأمر جلل!

فتحت الباب متوقعا رؤية أحد أقاربي يحمل إليّ نبأ رهيبا ، إبتلعت ريقي محاولا إستعادة السيطرة على حواسّي.

كنت أرتعش كقصبة كسيرة في مهب الريح ، حاولت تبين ملامح الطارق من خلال ضوء القمر المنعكس على وجهه ،

ملامح باهتة ووجه أبيض كالرخام القديم ، خال من كل حياة ، أشبه بوجه ميت خارج من القبر.

بصوت جهوري شديد النبرة صافٍ من كل شائبة خاطبني قائلا :

السّلام عليكم.

لأردّ بصوت لا يكاد يسمع حجبه الريق المتجمع في حلقي وعليكم السلام ، خيرا أخي ، أرعبتنا في هذا الفجر البارد.

لا عليك ، لا أحد يسمع الصوت إلا أنت ، جئت أحملك معي.

لا أفهم شيئا ، أين ستحملني؟ أتتهجم علي في بيتي ووسط عائلتي؟ إتقي غضبي ، فأنت لا تعرفني.

أيها العبد الفاني أزف الرحيل ، اليوم تلتحق بمن سبقوك ،

اليوم تذرف عليك العبرات وتحمل على اللوح وتوارى الثرى وحيدا. أزف الرحيل.

في تلك اللحظة بالذات شعرت بانقباض شديد في صدري ، جثيت على ركبتيّ وبكيت بشدّة ،

رُحماك أيها الغريب ، أما تراني أحمل فوق أكتافي جبلا من الخطايا.

أما تراني عاصيا ناسيا مفرّطا ، من للأرملة ومن لليتامى بعدي.

رُحماك يا زائر الفجر.

كان الوجع يشتد بي كأني أُجتث من جسدي ، جبيني ينزف عرقا والدموع تنساب من مآقي المرتعبة.

إقرأ أيضا: المهندس المصري عبد الرحمن مخلوف

أأرحل دون وداع ، أمهلني أعود إلى صغاري حضنا أخيرا يا زائر الفجر.

قبلة على جبين بنيتي ، طلبا للصفح من زوجتي ، أمهلني ساعة أزور فيها والدتي وأبكي بين قدميها.

قُضي الأمر أيها العبد الفاني ولا مهرب اليوم من مصيرك.

أه يا أمّي ، إبنك راحل الليلة.

أه يا أبنائي ، يا زوجتي وأه يا أهلي ، هذا سفري الأخير ليتكم تعلمون.

أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، كن معي يا رب ، يا رب.

أستفيق على صوت زوجتي المرتعبة ، إنهض ، إنهض ، كابوس.

تضع يدها على رأسي وتشرع في قراءة ما تيسر من القرآن ،

كنت لا أزال أرتعش والعرق يتصبب من جبيني ، لا يزال للحياة فصل أخير ، شكرا لك يا رب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?