زوجة تروي قصتها فتقول منذ أربعين عاما تزوجت
زوجة تروي قصتها فتقول منذ أربعين عاما تزوجت وشاء الله أن أقيم مع حماتي وكانت السنوات التي عشتها مع حماتي هي أسوأ سنوات عاشتها تلك السيدة الصابرة ،
وكنت أنا للأسف سر هذا السوء فقد أعطيت أذني لنصائح الصديقات بأن أظهر لها العين الحمراء منذ البداية.
ولذلك قررت أن أحدد إقامة حماتي داخل حجرتها وأتسيد بيتها وأعاملها كضيفة ثقيلة.
كنت أسيء معاملتها رغم مرضها ، وكانت كجبل شامخ تبتسم لي برثاء وتقضي اليوم داخل حجرتها تصلي ولا تغادرها إلا للوضوء ،
أو أخذ صينية الطعام.
وكان زوجي مشغولاً في عمله ولذلك لم يلاحظ شيئاً ،
ولم تشتك هي إليه بل كانت تجيبه حين يسألها عن أحوالها معي بالحمد لله.
وهي ترفع يديها إلى السماء داعية لي بالهداية والسعادة.
واستمر الحال هكذا حتى يقرب الأجل فنادتني وقالت لي :
لم أشأ أن أرد لك الإساءة بمثلها حفاظا على أستقرار بيت إبني وأملاً في أن ينصلح حالك ،
وكنت أتعمد أن أسمعك دعائي بالهداية لك لعلك تراجعين نفسك ، لكن دون جدوى ،
ولذلك أنصحك كأم بإن تكفي عن قسوتك علي الأقل في أيامي الأخيرة ، لعلي أستطيع أن أسامحك.
قالت كلماتها وراحت في غيبوبة الموت ، فلم ترى الدموع التي أغرقت وجهي ولم تحس بقبلاتي التي إنهالت على وجهها الطيب.
ماتت قبل أن أريها الوجه الآخر وأكفر عن خطاياي نحوها.
إقرأ أيضا: رجفة الفقدان
وكبر إبني وتزوج ولم يستطع توفير سكن خاص فدعوته للعيش معي في بيتي الذي أعيش فيه وحدي بعد وفاة أبيه ،
فاستجاب وأدارت زوجته عجلة الزمن فعاملتني بمثل ما كنت أعامل حماتي من قبل ، فلم أتضجر ،
لأن هذا هو القصاص العادل.
بل إدخرت الصبر ليعينني على الإلحاح في الدعاء بأن يغفر الله لي ويكفيني شر جحيم الآخرة لقاء جحيم الدنيا الذي أعيش فيه مع زوجة إبني ،
ويجعلني أتحمل غليان صدري بسؤال لا أستطيع له إجابة :
هل سامحتني حماتي الراحلة أم أنها علقت هذا السماح على تغيير معاملتي لها.
هذا التغيير الذي لم يمهلني الله لأفعله.