زوجتي أحيتني ثم ماتت
كتب أحدهم و هو من أهل مكة المكرمة
إنفصلت أمي عن والدي وسافرت إلى أهلها مسافة ١٢٠٠ كم وكان عمري آنذاك ٤ سنوات ،
عشت الضياع متنقلًا بين بيوت أعمامي إلى أن وصلت سن ١٦ سنة ،
وانفصلت من المدرسة بسبب سلوكي الإجرامي ، وبعدها حصلت على لقب (الداشر) ، أتعبت والدتي كثيرا بالمشاكل .
تقدّمت لدورة عسكرية وتخرّجت برتبة جندي فقط.
بدأ وضعي يتحسّن قليلا قليلا.
خطب لي والدي بنت عمي ، دون أن يستشيرني ، وهي معلمة تربية إسلامية ، طبعاً وافقت لأني لا زلت أحمل لقب (الداشر) ومن يزوّج داشر ؟
ما صدقت أحد يزوجني إبنته ، ولا أخفيكم كنت طمعان في راتبها.
المهم تم الزواج وكان هذا عام ١٤٢٨ ودخّلوني على زوجتي قبل الفجر بساعتين تقريبًا ،
سلّمت علي وسألتني عن حالي ، وهذي أول مرة يسألني أحد عن حالي.
بدّلت هي ملابس الزفة وتوضَّأت وطلبت مني أن أتوضأ.
توضّأت ورحنا المجلس ،
طلبت مني أن أصلي بها وتلعثمت ، آخر صلاة صليتها قبل ٧ أشهر في رمضان.
المهم الله ساعدني وصلّيت بها ركعتين ،
قالت لي : باقي ساعة ونص عن الفجر ما رأيك نروح نصلي الفجر في الحرم ، وبعدها نأخذ فطور ونفطر وننام؟
طبعًا وافقت ، ولو تطلب أي شيء راح أوافق ، من تتزوج (داشر) وعندها راتب؟
الله يسّرها وصلّينا الفجر ، وهذه الصلاة اللي قلبت حياتي ١٨٠ درجة ، صلّى بنا الشيخ الشريم أنا لا أعرفه ، هي قالت لي إسمه الشيخ الشريم.
قرأ في الركعة الأولى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]
إقرأ أيضا: أنا عبد الرحمن وسأقص لكم اليوم قصتي باختصار
رحت في عالم ثاني وقلت في نفسي : والله أنا المقصود.
خلّصنا صلاة أخذنا فطور ونمنا.
بعد أسبوعين قالت : ما رأيك أراجع معك القرآن؟
أي قرآن يا بنت الحلال؟ كل اللي حافظه ٤ سور ، الفاتحة والإخلاص والمعوذتين ، وقراءة مكسرة.
حفّظتني جزاها الله خيراً عدد من قصار السور ، بعدها عرفت أنه في حلقة تحفيظ في الحرم بين المغرب والعشاء ،
طلبت مني أن أسجل فيها طبعًا وافقت ، لو تطلب أي شي راح أوافق ، زوجة مثالية في كل شي.
كنت أقول هذه حرام أن يأخذها واحد داشر مثلي ، كل ما يبحث عنه الرجل عنه موجود فيها ، عقل ، دين ، جمال ، بنت ناس وراتب.
صرنا نروح كل يوم قبل المغرب ، نصلي المغرب ، أنا أذهب لحلقة التحفيظ وهي تذهب إلى قسم النساء.
إستمرّينا على هذه الحالة حتى حفظت ١٣ جزء ، كنت سريع الحفظ وصوتي جميل.
جائتني ترقية في مدينة أخرى بعيدة عن مكة ، كنت أنتظر فرصة غياب إمام مسجدنا وأصلي بدلاً عنه إماماً للمصلين.
في فترة زواجي ألحّت علي حتى أكملت الثانوية بالميثاق الليلي ، ثم ألحّت علي وقدّمت في الجامعة منتسب في كلية الشريعة.
تفاجأت في أحد الأيام إعلان وظيفة إمام وخطيب جامع.
تم بحمد الله تعيني إمام وخطيب في مسجد صغير وكان هذا عام ١٤٣٣ ، وفيه تفاصيل كثيرة جداً أختصرها.
أصبحت زوجتي بالدنيا لو تطلب عيوني أعطيها ، تحوّلت من (داشر) مشرّد في الشوارع إلى خريج كلية شريعة ،
إمام وخطيب ، من يصدق هذا ؟
الصدمة التي لا أنساها عام ١٤٣٨ ، كانت تشتكي من صداع شديد ، تبيّن بعد ذلك أنه ورم خبيث في الدماغ
، لم تُكمِل سنة وانتقلت إلى رحمة الله لي منها ٣ بنات نسخة مصغرة عن أمهم.
*بعدها بسنة طلبوا إخواتي أن يبحثوا لي عن زوجة ، رفضت رفضاً قاطعاً ، وقفلت هذا الباب وإلى الأبد ليقيني بأنني سأظلم الزوجة الجديدة ،
إقرأ أيضا: أحب أوقات الشدائد رغما صعوبتها لأنها تكشف لي معادن الناس
وقلت لهم : رحلت زوجتي وعوّضني الله بثلاث.
باختصار ، زوجتي أحيتني ثم ماتت ، حوّلتني من مشرد إلى رب أسرة جامعي ومحل تقدير كل من حولي في عملي.
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]
أحبتي علّموا بناتكم كيف يصنعن الرجال
*وأن لا نقول فلان فاسق ، وعلان فاجر فإنما العبرة بالخواتيم.
صدق رسولنا الكريم صلوات ربي عليه وآله وصحبه مع التسليم حيث قال : (خير متاع الدنيا المرأة الصالحة).