ساكن المنزل المهجور
منذ صغرى سألت عن منزل مغلق في شارعنا فتغيرت تعابير وجهه وقال لي أبي : لا تقترب منه نهائيا وإلا ستموت.
تعجبت من لهجته ومضت سنوات وها أنا كبرت وأزور في الخفاء ذلك الرجل العجوز الذي يسكن في هذا المنزل.
وبدأت زيارتي له منذ أسبوع فقد ناداني في ذات مرة كنت عائدا للبيت في وقت متأخر ،
وطلب مني أن أضع له شيئا وقع على الأرض في سبت دلاه لي.
فشكرني وسألته بسبب فضولي : هل أنت تسكن هنا حديثا ، فرد علي مبتسما :
يا ولدي أنا أسكن هنا منذ زمن بعيد ولكن أولادي وأقاربي لا يزورونني ، فلا أظهر للخارج إلا للضرورة.
بدأت علاقتنا تتوطد وكنت أزوره ولكنه كان لا يعزم علي بشراب أو طعام ،
وقد كنت متعجبا وقلت لعل ذلك بسبب كبر سنة أو أنه فقير لأن المنزل في حالة يُرثى لها.
وعلمت منه أن عيد ميلاده الليلة فأحضرت له هدية قيمة وضعتها في صندوف وذهبت له وفرح كثيرا بها وشكرني جدا ،
وأثناء عودتي من عنده قابلت والدي الذي سألني لماذا أراك تخرج من هذا المنزل ، فاعترفت له بكل شيء.
فغضب جدا وقال : حذرتك منذ صغرك فهذا المنزل لا يسكنه أحد بعد مقتل الرجل الذي كان يسكنه على أيدي ابنيه ،
اللذان كانا سكيرين عابثين وهما ملقان في السجن منذ سنوات عديدة ولا نعلم عنهم شيء.
إستغربت وجريت على المنزل ناديت على عم إبراهيم ولكن لا مجيب ،
صعدت أمام الشقة في الدور الثاني وكان والدي معي فوجدنا الباب مفتوحا ،
دخلنا وكان كل شيء كما وجدته وكأن شخصا يعيش هنا ويهتم به فاستغرب أبي وقال :
لعلك أنت الذي فعلت هذا ولا تتذكر ، ولكني اتجهت للحجرة التي إحتفلنا فيها بعيد ميلاده ،
فوجدناها فارغة ووجدت الهدية ملقاة على الأرض.
فأمسكتها وقلت لأبي ها هي الهدية وبقايا الشمع الذي كنت قد أشعلناه ،
فزادت دهشته وفجأة سمعنا الباب يُغلق بشدة وسمعنا صوت خطوات قادمة إلينا.
