سانتياجو صياد عجوز في الثمانينات من عمره
سانتياجو صياد عجوز في الثمانينات من عمره عاش حياته للصيد ومن الصيد.
ولكنه يوما بعد يوم ولمدة ٨٤ يوما يخرج للصيد ليرجع بلا صيد ، ولا سمكة واحدة.
بينما يرى الشباب الصغير الذي ليس لديه أي خبرة في الصيد يعود بأسماك كثيرة كل يوم.
تنتشر المقولات في القرية أن سانتياجو أصبح صيادا مهزوما ، هزمه العمر والبحر والرزق ،
ولم يعد له مكانا بين الصيادين المنتصرين.
وفي يوم من الأيام يخرج سانتياجو بقاربه الصغير كعادته التي لم تنقطع حتى بعد ٨٤ يوما ،
مما يعتبره الناس هزائما متوالية ليفعل ما يفعله كل يوم : الصيد.
وفي اليوم ال ٨٥ يصطاد سانتياجو العجوز سمكة كبيرة جدا لا يتسع قاربه الصغير لحملها ،
ولا تنفك السمكة عن محاولة الهرب من “سنارته” حتى دمت يداه من حبل الصيد الذي لا تريد السمكة أن تكف عن جذبه بقوة ،
أثناء محاولات فرارها التي لا تتوقف لثانية واحدة.
ساعات طوال تمر وسانتياجو تتقطع يداه ألما وهو ممسك بحبل الصيد لا يتركه في مواجهة السمكة الكبرى ،
التي لا تتوقف عن المقاومة ثانية واحدة حتى أن سانتياجو قال لنفسه حتى لو أخذت هذه السمكة للبر فستكون هي المنتصرة ولست أنا :
فهي قد قاومت بكل ما تملك للنهاية.
ولكن معركة سانتياجو البحار لم تكن قد انتهت بعد ، فالسمكة المعلقة بالقارب جلبت قروش المحيط لالتهامها ومهاجمة القارب.
وحبل الصيد في يد سانتياجو أصبح الآن مثل السكين في حدته نتيجة قوة أنياب أسماك القرش التي تحاول أن تأخذ السمكة التي اصطادها سانتياجو للأعماق.
ولكن سانتياجو العجوز لم يترك الحبل لحظة رغم تقطع كفوف يديه ورغم الألم والدماء ،
حتى إذا وصل سانتياحو الصياد للشاطئ لم يكن قد تبقى من جسد السمكة غير هيكلها العظمي معلق بالقارب.
عاد سانتياجو لبيته الفقير بدون سمك أو طعام وبالدماء تغطي يديه وملابسه وفي عقله قرار وحيد :
وهو العودة للصيد غدا ، حتى بعد ٨٦ يوما دون صيد سمكة واحدة.
إقرأ أيضا: جدتي احكي لي قصة
وبينما كان سانتيجو في بيته ، كان مجموعة من السائحين عند الشاطئ يقفون بجانب مركب سانتيجو الصغير ،
يشاهدون عظام السمكة الكبرى التى اعتقدوا أنها قرشا كبيرا اصطاده ذلك المركب منبهرين بذلك “الإنتصار المعجز”.
ربما تظن أن قصة البحار العجوز (سانتيجو) والبحر ،
التي كتبها عملاق الأدب الأمريكي إرنست همنجواي بعيدة عن سياق حياتك كإنسان تعيش حياة تقليدية.
ولكن إذا نظرت إلى مغزى القصة ستدرك أنك سانتياجو في كثير من الأحيان.
ما فعله سانتيجو العجوز هو الثبات على ما يفعله لأن الصيد هو الحق والقيمة الأخلاقية في حياته.
وسيظل يفعله كل يوم بغض النظر عن النتائج ،
وما فعلته السمكة الكبيرة التي اصطادها سانتيجو هو الثبات على المقاومة حتى آخر ذرة مقاومة في جسدها دون أن تستلم للحظة.
يمكنهم أن يحطموك لكن لا يمكنهم أن يهزموك ، هذه هي الحكمة الأساسية من هذه القصة.
مفاهيم النجاح والفشل والنصر والهزيمة تتغير في عقلك ووجدانك إذا نظرت إليها بنظرة أعمق من الإنتصار المادي.
النصر الحقيقي هو : الثبات.
الثبات على ما تراه أنت الحق حتى ولو وقف العالم كله أمامك.
الثبات على المقاومة حتى آخر ذرة في طاقتك.
ولهذا نرى التلازم العجيب بين النصر والثبات في قول الله :
“إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”.
النصر الحقيقي هو الثبات وليس الإنتصار العسكري المادي المحدود فقط.
نصر الله أقرب إليك من أي شيء، وغير مرتبط بتغيرات سياسية أو انتصارات ثورية.
نصر الله مرتبط بقرار منك ، بثبات أقدامك : “ينصركم ويثبت أقدامكم”.