ستطیر حبا
کان يقول لوالدته : لا أريد أن أتزوج في الأمر کثیر من القيود.
قالت الأم : إختر فتاة تكون حرا معها ، لا تحرم نفسك السعادة لأن البؤس يزاحم نظرك.
يقول ابتسمت لها مطمٸنا ومضیت ومرت الأيام سریعا ، عاجلتني أفراح صِحابي تغیر أسمائهم من فلان إلی أبا فلان ،
مزاح الآخرین معه عن حکومته ، السر الذي يعيد كل منهم إلى بيته مهما يكن ،
دموعه حين يمرض إبنه ، كيف يتغیر صوته وكلامه حین يكلم ابنته التي تقلب كل الحروف ،
وكيف يحتفظ كل منهم في هاتفه بمقاطع مصورة تثير الضحك لأبنائه.
شعورهم بالمسؤولية ، صديقي الذي کان يفير مکان عمله كل فترة ،
كيف استقر وحط رحال عصبیته في مکان واحد وقال لي مرة : صِرت مسٶولاً عن بیت وزوجة.
كيف قبل أحد أصدقائي زيادة أعبائه في العمل فقط لينال ترقية يثبت بها وضعه الإقتصادي ويرفع من شأنه الإجتماعي وقال عن الأمر :
لا بد أن أفكر بعقل أب.
بدأ قلبي يلين بالفكرة ويميل للبيت والأطفال ولوجه يخبرني أن كل شيء بخير حتى لو انهار خلفنا العالم.
وكانت هي خياري الأول والأخير صديقتي الصيدلانية الطيبة التي ترفض التجاوز وترد لطف الحديث بابتسامة خجل.
أخبرتها وبعد عدة نقاشات في دارهم قالت :
خیر بإذن الله لكن هناك تفاصيل ربما لا تعرفها.
عملي لا أريد تركه وأريد إكمال دراستي العلیا ، أنا لا أصافح الرجال كما تعلم ولن أغیر هذا بسبب أهلك كما لم أغیره لأجل أهلي ،
البیت مسٶولیتنا معا کذلك تربیة الأطفال ، وأخیراً :
لا أريد أن تحكم القيود علي ، كن طيباً معي ووالله لن أحتاج قفصا بل سأحلق إليك مهما امتلکت من أجنحة ،
أريد أن أظل حرة خفيفة معك ألا يمسني شعور ثقل في حضورك مهما يكن هل يمكن هذا.
إقرأ أيضا: من أجمل ما يجعل علاقة الحب فريدة
همست : سبحان الله تذکرت کلام أمي أن نصیبك سیکون ملائما بقدر ما تحتاج ،
حقا یأتي بها الله إن الله لطیف خبیر.
و قد أتاني بها حلالا كما تمنيت واحتجت تحمل ذات أمنیاتي وتکمل نقصاني بإذن الله وأکثر.
حدثني أبي في بدایة زواجي فقال : إن جعلتها تحبك سیکفیك إهتمامها عن العالمین إن أکرمتها صدقني لتضعنك علی رأسها ،
لتدیرن الکون لأجلك ، بنت الحلال لا ترید إلا کرم الفعل والقول یا صاحبي ،
لو دللتها دللتك وإن رفعت من شأنها رفعتك ولتجعلن بیتك جنة ولتحفظن ودك.
ولتعلم یا بني لو بنیت قصوراً لا شيء يعادل قلب زوجك التي آتاك الله من نفسك لتسكن إليها فلا یفزعك ضجيج الكون.
ألا تذکر سیدنا المصطفی من دثره وزمله؟
إن حاولت إرضاٸها صدقني ستحتفي بك کأن ما من أحد في الکون سواك ، کأنك أعظم العالمین.
کما تراني والدتك کما کنت أطیر طوال خمس وثلاثون عاماً إلی بيتي مشتاقا مطمٸناً.
فقط إحفظ الله فیها.
مرت الأعوام سريعا لا أذكر من اشترط ماذا ،
لکننا تشارکنا الحب والحزن والفرح ،
وکان کلینا یطیر إلی صاحبه حرا مختارا یریده ولا یستبدله بأحد ،
وقريبا سأوصي أول عیالي ذات الوصایا وأهمس :
ستجد رفیقة طیبة کما أتاني الله بوالدتك و طصرت أطیر حباً لبیتي کل یوم