سر الغربان الجزء الأول

سر الغربان الجزء الأول

يحكى أن شابا فقير اسمه علي يعيش مع أمه في ضيعة نائية ويسترزقان من ما تجود به غنماتهم من لبن وصوف.

بعد أن جمع غزل الصوف الذي صنعته أمه وعزم على الذهاب إلى المدينة لبيعه ، فلقد أجدبت الأرض وقلت المراعي.

ركب جمله بعد أن حمل من المؤونة ما يكفي للرحلة.

في الطريق شاهد رجلا ملقى في الصحراء ، أسرع إليه وسقاه وبلل وجهه ، ففتح عينيه وقال لولا مرورك لابتلعتني الصحراء.

رد علي : الحمد لله على سلامتك ، إركب جملي حتى تتحسن وأسير أنا بجوارك.

أثناء الطريق سأله عن ما حل به ، أجاب الرجل : لقد هاجمني قطاع الطريق وسلبوني ما أملك ،

لم يقتلوني وتركوا أمري للشمس لكي تقوم بهذه المهمة.

قال علي : هذا مؤسف كان بإمكانهم ترك بعض الماء لك على الأقل.

في هذه الأثناء وصلوا إلى بئر مهجورة ولم يكن بها حبل ولا دلو ،

قال الرجل لعلي : لم أسترجع بعد عافيتي وهذه البئر قديمة يجب إعمال الحيلة لملئ الماء منها.

قال علي : لا بأس سأملأ أنا القربة.

ربط الحبل في الجمل ونزل حتّى لامست ساقاه صخرة في قاع البئر ،

فملأ القربة ثمّ لف حولها الحبل وطلب منه رفعها بعد ذلك قال له : إرسل الحبل مرة أخرى لكي أصعد ،

لكن الرجل سخر منه وأجابه : سأتركك هنا
فقال علي : الجمل والسلاح والمال لك لكن أخرجني من البئر ،

رجاءا تذكر إحساني لك عندما وجدتك بين الرمال.

قال : تريد أن أنقذك لكي تقتلني؟
أجاب عليّ : لك أمان الله ما أقتلك.

قال : لا هكذا أفضل ومشى وبقي علي في القاع وهو حائر عما يجب فعله ،

فلما حل الظلام وانتصف الليل إذا بإثنين من الغربان يحطان على طرف البئر وأخذا يتحدثان مع بعضهما بصوت مسموع :

إقرأ أيضا: رجل تزوج في مكان إقامته من إمرأة

فقال الأول : هل تعرف بنت الشيخ حرب.
أجاب الثاني : أوه نعم تلك البنت الجميلة التي رفضت كل الرجال لغرورها وثراء أبيها.

قال الأوّل : عملت لها سحرا فأصبحت من خدم الجن وفك هذا السحر بسيط.

سأله الثّاني : كيف ذلك ، أجابه الأوّل : يقرأون الفاتحة سبع مرات على ماء ويرشون البنت فتشفى.

قال الغراب الثاني : أنت لم تصنع شيئا يستحق الذكر يا صديقي سأحكي لك ما فعلت بالإنس ،

هل تعرف بستان بني عامر المشهور بالنخيل والماء؟

أجاب الأوّل : نعم أعرفه جيدا ، لكن ما قصته؟

قال الثاني : لقد أكل أحد رجالهم تمرا عند مغيب الشمس ورمى النوى فأصابت إبن ملك الجان ،

لهذا عملت لبستانهم سحرا فجفت مياه الأبار وهي الآن خاوية على عروشها ، لا يسكنها أحد.

سأله الأول : كيف ذلك؟

رد الثاني : سددت العين التي تقع تحت الجبل فجفت جميع السواقي التي تسقي الأرض ، وفك السحر بسيط جدا.

فقال الأّول : كيف؟

أجاب الثّاني : يكتبون خواتيم سورة البقرة على ورقة صغيرة مطوية ويلقونها في العين فينفك السّحر ، ويعود الماء للتّدفق.

وكان علي في أسفل البئر يسمع كلام الجن الذين إتخذوا هيئة غربان.

طلع الصباح فطارت الغربان ، وبعد يومين مرت قافلة وعندما إقتربوا سمعوا صياحا وسط البئر ففزعوا ،

ولكنّهم تشجعوا ونظروا داخله فوجدوا أعرابيا قد علق فيه ،

وقال لهم : أملأ قربكم جمقابل أخذي معكم ، أجابوه بالموافقة.

قالوا : إلى أين أنت ذاهب؟

قال : إلى مضارب قبيلة الشّيخ حرب أجابوه : هي في طريقنا ثم أخرجوه وهدئوا من روعه.

وبعد أن سمعوا قصته ، لاموه على الثقة بإنسان غريب.

إقرأ أيضا: سر الغربان الجزء الثاني

كانت قبيلة الشيخ حرب من أكبر وأمنع قبائل المنطقة وكان القوم ينعمون بالثراء وأنعامهم لا تعد ولا تحصى.

سأل علي عن خيمة سيدهم وعندما وصل وجده واقفا وقد شحب لونه ،

سلم عليه قال له إنه يعرف سبب حزنه ومستعد لفعل كل ما بوسعه لعلاج إبنته.

أجاب الشيخ حرب : لقد جربنا كل شيء ، الأدوية والعرافين والمشعوذين ،

لكن منذ سنة وإبنتي تعاني من مرض غريب ، لقد أصبح شكلها سيئا واضطررنا لشد وثاقها لكي لا تؤذي أحدا.

يتبع ..

Exit mobile version