سر الغربان الجزء الخامس
نظر الشيخ داخل الأكياس وأجاب : منذ دهر لم نذق هذا وكل معيشتنا الإبل. سأله علي : أليس لكم واحات ونخيل؟
تنهد الشيخ وقال : إعلم أننا من بقية قوم وهذه المدينة كانت فيما مضى من أجمل مدن الأرض ، لكن الله عاقب أهلها على عصيانهم.
فهبت ريح إقتلعت أشجارهم ونخيلهم ، ولم تعد الأرض تنبت شيئا ما عدا الأشواك ،
ونحن نجونا لأننا كنا من المؤمنين ولقد تناقصت أعدادنا إلى أن أصبحنا نعد على أصابع اليد ،
وقدرنا أن نبقى على أرضنا حتى نفنى.
أحس علي بالحزن وقال للشيخ سأهدي لك كل ما تحمل القافلة من تمر ودقيق وزيت ،
وسأهبكم عددا من الجواري ليكون لكم نسل ،
بكى الشيخ وقال الله لا يضيع عباده المؤمنين ،
ثم قام وأخرج كتابا من صندوقه وقال له : هذا الكتاب فيه علم حجر الأكسير الذي يحول النحاس إلى ذهب ،
وهو لك وستصبح من أكثر الناس مالا.
قال علي : لكني أراكم فقراء لا تملكون شيئا؟
أجاب الشيخ : كثرة الذهب أفقدت قومنا بصيرتهم فصنعوا منه آلهة وعبدوها وجعلوا منه أعمدة المدينة وقبابها ،
وبسببه كان هلاكهم ومن اقترب من ذلك الذهب أصابته اللعنة في الدنيا والآخرة.
واصل علي الرحلة وعندما وصل إلى البلاد قال في نفسه : لقد أعطيت بضاعتي للشيخ والآن سأرى هل يصدق هذا الكتاب في تحويل النحاس إلى ذهب أم أن ذلك من خرافات المشعوذين.
وضع سبيكة من النحاس على النار حتى إحمرت وغمسها في خليط من الزئبق والكبريت الأحمر ،
ثم أخرجها ونظر إليها لكنها بقيت كما هي ولم تتغير.
فقال سأبيع الإبل وأشتري بثمنها هدايا لنائلة ، فهذا الكتاب لا ينفع أو ربما أنا لا أصلح للسحر.
خرج للتجول في الأسواق وعندما رجع إلى الخان وقف مدهوشا فلقد خرج من السبيكة بريق يخطف الأبصار ،
ولمّا تأملها وجدها ذهبا خالصا.
إقرأ أيضا: يقول أحدهم أعمل كمدرب سباحة للأطفال
بدأ يحس بالغرور يزحف على عقله لكنه تمالك نفسه وقال :
لقد عرفت لماذا تجبر أولئك القوم سآخذ فقط حاجتي من الذهب وأحرق الكتاب وإلا سيكون مصيري سيئا.
كانت السبيكة الذهبية ثقيلة وباعها علي في أسواق بمائة ألف درهم ،
وهو أضعاف ما كان سيربحه من بيع بضاعته واشترى لنائلة أفخر العطور وأدوات الزينة.
وعندما كان واقفا يساوم التجار ، مر به رجل يركب جملا فإذا هو جمله ،
وإذا الرجل هو نفسه الذي تركه في البئر فصاح في وجهه : أيها الخبيث سرقت جملي وهربت ، لكن هل تحسنت أحوالك.
أما أنا فأصبحت من الأثرياء وذلك بفضل لؤمك فلو لم تتركني في البئر لما كنت في هذه النعمة.
خطبت نائلة بنت الشيخ حرب أجمل بنات العرب ، وبستان بني عامر صار ملكي.
حاول الرجل تبرير فعلته لكن علي أجابه : لا تتعب نفسك لقد تنازلت لك عن الجمل وكل ما عليه ولا تريني وجهك بعد الآن.
إنصرف الرجل متعثرا وقال في نفسه : سأذهب إلى ذلك البئر وأعرف سره فأنت لست أفضل مني.
عندما وصل أدلى حبلا ونزل داخله عند منتصف الليل حط الغرابان وقال الأول للثاني :
لقد عرف أحدهم كيف يفك السحر عن إبنة ذلك الشيخ وعن البستان ونجهل من يكون وكيف أمكنه ذلك؟
صاح الرجل : أنا أعرفه وأدلكم عليه على شرط أن يكون لي أيضا بستان وإمرأة جميلة.
تعجب الغرابان وسألاه من أنت وماذا تفعل في هذا المكان المقفر؟
قص عليهم حكايته فنظرا إلى بعضيهما وقالا له : تعال معنا إلى الملك وهو يعرف كيف يكافئك.
عندما وصلا إلى التلة التي يسكنها الجن رموه في سجن مظلم وقالا له :
ستخبرنا بكل شيء وإلا سنتركك هناك حتى تموت جوعا ، تبا لك من خائن وطماع.
في الغد مثل الرجل أمام ملك الجن وقال له : إذا إحتلت على رفيقك وأتيت به إلى هنا فسنعطيك صندوقا بالذهب.
فأجابه : ومن يضمن لي أنك لن تقتلني بعد أن أقضي حاجتك.
إقرأ أيضا: بوابة الجحيم
قال الملك : أنت لئيم وتبيع عشيرتك لأجل الدرهم والدينار لهذا يمكننا أن نتفاهم ،
ستنقل لنا أخبار القوم ونحن ندفع لك فلا ينقصنا المال فما رأيك؟
فرك الرجل يديه وقال : ما دام الأمر هكذا فأنا موافق لكن أريد أن أسئل : إذا أحضرته إلى هنا فماذا ستفعلون بخطيبته وأموال ضيعته؟
أجاب ملك الجن هذا لا يعنيك ، أنت فقط تنفذ ما أقول لك عليه هل فهمت والآن هيا إنصرف قبل أن أغير رأيي.
بقي الرجل طوال الطريق يفكر كيف سيأتي بذلك الفتى إلى هنا وهو يعلم أنه يكرهه ولم يغفر له خيانته ثم قال :
سأخطف الشيخ حرب أبو نائلة وأخفيه في إحدى المغاور ،
ولما يسمع علي سيأتي للبحث عنه ونقبض عليه.
في الصباح تنكر في زي تاجر دواب وذهب إلى مضارب القبيلة ومعه فحل من الإبل ليس له مثيل في الحسن.
لما أخبر الشّيخ عنه خرج ليراه فوضع كيسا على رأسه وركب على الجمل وجره وراءه حتى وصل المغارة ،
والشيخ في حالة يرثى لها من التعب والعطش.
رجع إلى القبيلة فوجدها مائجة ورجالها يستعدون للخروج للبحث عن ملكهم ،
لكن جائهم علي وأخبرهم أن من خطفه رجل واحد وسيذهب بنفسه للبحث عنه ،
فهو يعلم إلى أين تتجه خطى الجمل وقال : إذا لم أعد خلال يومين تعالوا للبحث عني في التلة.
رد القوم أن الجن تجتمع هناك وذلك المكان يمتلئ بالأنفاق والمغاور.
قال علي : لهذا السبب أفضل الذهاب وحدي ، لكي لا ألفت الإنتباه وأنا من أكثر النّاس دراية بهم وأعرف كيف أواجههم.
كان الرجل مختفيا وراء أحد الخيام ويرى ما يحدث ثم همس :
أخيرا وقعت في الفخ يا علي وبعد موتك سآخذ كل ما تملكه بما في ذلك البنت نائلة.
الآن سيفارقك الحظ بعد أن إبتسم لك طويلا.
إقرأ أيضا: بالأمس في تمام الساعة العاشرة جلست على مكتبي المتواضع
مشى علي في الفيافي الواسعة وتذكر ما حكاه العبد كروان عن التلة وعيونها الصافية التي تنبع من الأرض ،
وكيف جاء الجن وسكنوها لقد كانت فرصة ليستكشف المكان لقد كان يعرف أن المعركة الأخيرة ستكون هنا.
ولا بد أن يعرف مخارج ومداخل التلة ، لكن في هذا الوقت سمع صوت غرابين وراءه يتبعانه فقال :
لقد علموا بأمري ويجب أن أسرع قبل أن يعلموا الباقين.
لما دخل إلى المغارة التي تقف عندها الخطوات وجد الشيخ مكوما على نفسه وهو يئن من شدة العطش ،
وفجأة خرج ملك الجن في رجاله وقال له : لقد كنا في إنتظارك.
وحين إلتفت ليرجع رأى عشرات الغربان السوداء تسد عليه الطريق ثم خرج الرجل وقال :
هذه المرة لن تنجو يا رفيقي القديم.
صاح علي : أنت مرة أخرى ألم يكفيك ما فعلته بي في البئر؟ وبالرغم من ذلك سامحتك وتركت لك الجمل بما عليه.
أجاب : لا تلمني فأنا أمشي إلى حيث تقودني الرياح ويبدو أنها تقودني دائما إليك.
قال ملك الجن : اضربوا هذا الفتى حتى ينسلخ جلده وفي الصباح أحضروه لي.
لكن علي أجابه : عندي شيء يهمك فأنا تاجر أبيع وأشتري وإذا إتفقنا آخذ الشيخ حرب وأذهب وأعطيك ما ترغب فيه نفسك.
ظهر الاهتمام على ملك الجن وسأله : ما هو هذا الشيء ولا تحاول خداعي.
أجاب علي : سر حجر الأكسير الذي يحول النحاس إلى ذهب ما رأيك هل نجلس الآن ونتحدث أم لا؟
قال ملك الجن: أتركونا وحدنا ثم إلتفت إلى علي وسأله : أحقا ما تقول إذا كان كلامك صحيحا سأطلقك أنت والشيخ ،
ولن أحاسبك عن الفتاة والضيعة اللذان سرقتهما منا هما حلال عليك.
والآن أخبرني عن ذلك الحجر وأين وجدته؟
أخرج علي كتاب ذلك القوم من جرابه وقال : السر موجود هنا أحضر لي الزئبق والكبريت الأحمر وآنية وحطب وسأصنع لك الحجر.
إقرأ أيضا: الخاتم العجيب الجزء الأول
لما جيئ له بما طلب قام بخلط تلك المواد حسب المقادير التي في الكتاب وسخنها ثم أخذ صحن من نحاس كان أمامه ،
وغمسه في الخليط ثم طلب من الملك أن تنتظر ساعة حتى تبرد.
قال علي : لم يتمكن أحد من صنع الحجر لأنهم لا يعرفون الأوزان ولو نقصت أو زادت غراما واحدا لما حصلنا على الذهب.
بعد ساعة أصبح الصحن يلمع لمعانا عجيبا ولم يعد هناك شك لدى الملك أن علي قال الحقيقة.
ثمّ طلب من الجن أن يأتوه بكل الأواني من النحاس وفي آخر اليوم أصبح لديه كوم من الذهب.
زاد جشع الملك وتوجه للمعبد وحول الأصنام إلى ذهب.
لما رأى أعيان الجن كثرة الذهب طالبوا بنصيبهم ولاموا الملك على الاحتفاظ بكل ذلك لنفسه ،
لكن الملك بدأ يحس بالعظمة وتملكه الغرور وقال لهم : لقد كسبت ذلك المال بتدبيري ، فافعلوا مثلي ومن طلب مني شيئا قطعت يده.
ذات يوم قال له علي : لقد عملت لك ما وعدتك به والآن أطلق سراحي أنا والشيخ فنحن هنا منذ ثلاثة أيام.
نظر إليه الملك وأجاب : سأطلق فقط الشيخ حرب أما أنت فأنا لا أزال بحاجة إليك ،
أريدك أن تستخرج الألماس والأحجار الكريمة من الجبال باستعمال السحر ،
وأريد أن أرصع تلك الأصنام الذهبية بالجواهر لأشكر آلهتنا على عطفها.
قال علي في نفسه : هذا الكتاب كان سببا في خراب تلك القبيلة وقومها وسيقضي على مملكة الجن أيضا ، سأنفذ له ما يريد.
وقبل أن يطلقوا الشّيخ أخبره علي عن تنازع الجن على الذهب وأنهم على وشك الإقتتال ،
وطلب منه أن يجمع القبائل ويأتي بعد عشرة أيام في الليل ويشعل النار في مداخل المغارة وهم سيتحولون لغربان للخروج من الحفر الصغيرة ،
ولذلك إحملوا معكم كل الصقور التي عند الصيادين ومن يفلت من سهامكم أطلقوها عليه لا يجب أن يبقى منهم أحد.
سأله الشيخ وأنت يا علي هل فكرت في نفسك؟
أجابه : سأفعل كل ذلك من أجل نائلة لكي تعيش في أمان ، أخبرها أني أحبها يا عمي.
إقرأ أيضا: قصة نجاح بعد الفشل
شيء آخر إياك أن تخبر أحدا بالذهب الموجود بالمغارة.
قال الشيخ : سأفعل ذلك وسأدعو الله لأن تنجو فنحن لا نريد فقدانك ، إنتبه لنفسك يا علي ،
إفعل ذلك من أجل زوجتك نائلة هل سمعت يا إبني؟
إنصرف الشيخ أما علي دخل إلى المغارة وقرأ التعاويذ السحرية التي في الكتاب وفجأة بدأت الكثير من الأماكن بالتوهج ،
إتجه إلى الجن فوجدهم مجتمعين وهم يأكلون فصاح بأعلى صوته :
الممر الذي على يمينكم يقود إي حائط مليئ بالياقوت والزمرد أسرعوا قبل أن يعلم غيركم ،
وأخرج من جيبه حفنة جواهر رماها بينهم فعمت الفوضى وبدأوا يتسابقون إلى وسط الجبل بفؤوسهم ومطارقهم ،
وعلا الصراخ ، فسمع الملك فجاء في رجاله وقال : إبتعدوا فكل ما هنا لي وحدي لكن لم يسمعه أحد وبدأ الإقتتال بينهم.
وبعد ساعات إمتد النزاع إلى كامل المغارة والكل يريد أن يفوز بحصّة من الكنز ويهرب ،
أما علي فكان في ركن ينظر إلى ما يحصل وقال في نفسه : ما من أمة تصيبها آفة الطمع إلا هلكت قريبا ،
تخرجون من هنا وتتركون كل شيء ورائكم
وسأدفن المال لكي لا يجده أحد.
في إنتظار ذلك سأحرق كتاب السّحر اللعين أشعل نارا ثم رماه فيها وأخذ ينظر إلى اللهب يتصاعد من صفحاته.
جاء حكيم الجن إلى الملك وقال : لقد عمت الفتنة ولا سبيل إلى إيقافها إلا بقسمة ما لديك من ذهب وياقوت بين قومك ،
وقتل الرجل الذي أعطاه لنا فلم يفعل ذلك إلا ليقضي علينا ويبدو أنه نجح في خطته الخبيثة ،
وأنصح مولاي أن يبدأ من الآن فما زال هناك أمل أن ننقذ مملكتنا من الدمار الذي يقترب منا.
نظر إليه الملك بإنزعاج وقال : لو سمعت كلامك لنازعوني حتى في الثوب الذي أرتديه ،
لكن معك حق في قتل ذلك اللعين لكن بعدما آخذ منه كتاب السحر الذي معه ثم أمر رجاله بالبحث عنه ،
وإحضاره وأوصاهم أن يستعملوا معه الحيلة.
إقرأ أيضا: التاجر الذي ورثه إبنه حيا الجزء الأول
كان علي في مغارة الياقوت التي أراد الملك الإستحواذ عليها بالقوة ،
لكن نجح الجن في هزيمته وشرعوا في اقتلاع كل ما في الصخر من أحجار كريمة ،
ولما بدأت تنقص ، قال : سآخذ ما يكفي من الماء والطعام وأختفي حتى يجيئ الشيخ حرب
فلا شكّ أن ملكهم يبحث عني الآن ليقتلني ولكي أشغل الجن عني سأضرم النار في بيوتهم وعتادهم ثم مشى في الأروقة ،
وهو يحاذر أن يراه أحد.
كانت أكثر البيوت فارغة والقوم مع نسائهم وأطفالهم ينقبون الصخور أو يتحاربون مع الملك.
جمع علي ما قدر عليه من التمر والغلال ووضع في عنقه قربة ماء ثم ألقى مشعلا وصاح :
أسرعوا إلى النار بدأ الجن يركضون ناحية بيوتهم وهم يسبون أما هو فسار في هدوء دون أن يهتم به أحد ،
واختار حفرة منزوية فيها شق صغير
يدخل منه الهواء وجلس فيها وكان يسمع الصرخات ، فابتسم.
وقال : لم يبق إلا أن أنتظر قدوم القبائل ، أعرف أني لن أخرج من هنا حيا فالشقوق في السقف مرتفعة ، ولا سبيل إلى الوصول إليها.
أمضى عدة أيام وهو على هذه الحالة يأكل من الجراب ويشرب من القربة حتى نفذ ما فيهما ،
وأصبح يحس بالجوع والعطش وقال في نفسه : لقد تأخروا كثيرا في المجيئ ويظهر أني لن أشهد الإنتصار.
ثمّ تذكر نائلة وبكى ، فلم يمر على زواجه منها سوى بضعة أيام وبينما كان غارقا في أفكاره سمع جلبة خارج المغارة وأصوات أقدام كثيرة ،
ثم بدأ يشمّ رائحة الحطب المحترق وانتشر الدخان بكثافة.
سمع علي الجن يقولون : حين كنا نتنازع فيما بيننا سد أولئك البدو المنافذ وأشعلوا الأغصان والقش ،
والآن علينا أن نتحول إلى غربان لكي نخرج من الشقوق.
وشاهد علي أضواء المشاعل مئات الغربان الكبيرة والصغيرة تطير باتّجاه السقف
وبعضها إشتعلت فيه النار وسقط ،
أما من خرج منها فكان الشيخ حرب ورجاله في انتظارهم بالسهام والصقور ولم ينج سوى قلة من الجن.
إقرأ أيضا: للحب الممنوع سبب الجزء الأخير
إمتلأت المغارة بالدخان وبدأ علي يسعل وضاقت أنفاسه وفجأة رأى غرابا ضخما على رأسه تاج يتجه إلى الحفرة التي كان فيها ،
ويطير باتجاه الشق الذي في السقف فقال علي إنه الملك ثم تعلق في رجليه وخرج معه.
َلما رآه الشيخ صاح اتبعوه فلن يقدر الغراب أن يطير بعيدا ، ولكنه كان قويا وراح ناحية الصحراء إلتفت ملك الجن لعلي وقال له :
سنرى كم من الوقت سيبقى معلقا سأدور إلى أن تتعب وتسقط في الرمال وتهلك من الحر والعطش.
أجاب علي : ليست فكرة جيدة إسمع ناحية مشرق الشمس هناك مدينة كاملة من الذهب ستكون لك وحدك أليس هذا جيدا؟
ضحك ملك الجن وقال : أتعتقد أنك ستخدعني من جديد؟ لقد سبق أن إتبعتك والنتيجة ضاعت مملكتي.
أجاب علي : طمعك هو الذي قضى عليها لو أعطيت قومك نصيبا لأطاعوك لكنك أحمق.
سكت الملك فلقد كان الفتى على حق ، وهذا أيضا ما نصحه به الحكيم ، لكنه لم يستمع لأحد ،
وقال في نفسه سأطير ناحية المشرق فليس لدي ما يخسره وفي جميع الحالات فذلك اللعين تحت رحمتي ولا يمكنه الإفلات.
بعد قليل شاهد الملك بريقا عجيبا في الأفق وكلما إقترب إزداد قوة ولمعانا ،
فقال علي : تلك هي المدينة الذهبية التي حكيت لك عنها.
حط الغراب عل الأرض ورجع إلى شكله الأصلي وبدأ يجري في كل مكان ويصيح :
أخيرا تحقق حلمي : مدينة من الذهب لي وحدي.
أما علي فوجد الشيخ عاد وسلم عليه وسأله كيف حالك أجاب : نأكل جيدا ولنا زوجات جميلات ،
لا تنس أن تمر علينا من حين لآخر وتحمل لنا من تمر بستانك.
رد علي : سيكون لك ذلك وأكثر لكن المشكلة هي كيف سأرجع دون جمل وماء؟
إبتسم الشيخ وهتف : تعال معي سأريك شيئا ومن بعيد شاهد علي ثلاثة جمال ترعى ثم قال له :
إنهم من قافلتك ولقد دخلوا في الكهف ووجدوا أنفسهم هنا وهذه قربة ماء وشيء من الطعام.
إقرأ أيضا: كل يوم أمشي من طريق مظلم
والآن خذ إبلك وارحل إلى إمرأتك فلا شك أنها قلقة لغيابك.
أجاب علي : من المؤكد أننا سنلتقي قريبا ونواصل حديثنا والآن سأذهب فلقد أطلت الغياب عليها.
أما ملك الجن بعد طاف في المدينة كامل النهار قال في نفسه : ماذا سأفعل بكل هذا الذهب ليس لي طعام ولا خدم ،
نفسي فقط في كسرة خبز وصحن من الزيت.
لقد قضى الطمع على هذه المدينة كما قضى على مملكتي كم أشعر بالندم على ما فعلته ،
بقي هناك حتى انتهى طعامه حتى مات من بالجوع.
لما رجع علي وجد نائلة وأمه في إنتظاره لأن قبل السفر هو الذي طلب من الشيخ حرب لكي يأتي بأمه فعانقهما وشكر الله لعودته سالما معافى.
فبدأت الأفراح والسعادة تبدأ في اجتماع العائلة ، ثم ذهب علي إلى خيمة الشيخ الذي فرح برؤيته وسأله كيف نجوت من ملك الجن؟
أجابه: تلك حكاية طويلة لكن قل لي هل دفنت الذهب؟
رد : نعم لقد سددنا مداخلها بالصخور وعلقت الغربان الميتة عليها وبذلك لن يقترب منها أحد ،
لقد أبدنا الجن دون أن نخسر رجلا واحد من كان يتصور ذلك؟
أجاب الفتى : الحمد لله على كل حال فالعقل في بعض الأحيان خير من الإقدام وإن فعلت الخير سوف يعود لك
من بعيد كان شخص ينظر إليه بحقد وتمتم : كل مرة أنصب لك فخا تنجو منه لكن الحظ لن يلازمك إلى الأبد.
لقد كان الرجل الذي تركه في البئر وسرق جمله ثم أخذ فأسا ورجع إلى مغارة الجن وفي الطريق قال :
كلما أتبعك أربح هذه المرة كل كنوز الجن هي لي وسيكون لي الوقت لأنتقم منك يا علي ،
وأصير ملك البادية وكل ما لديك سآخذه ، ضيعتك وإمرأتك نائلة.
بدأ يمشي ، دخل إلى المغارة وخرجها في اتجاه الصحراء حتى وجد نفسه في تلك المدينة الذهبية التي قد كان قومها قد ماتو بسبب الطمع ،
فتبعهم ملك الجن وها أتى الدور على صاحب الطمع الكبير هذهه المرة لم ينجو.
فقد وقع له مثل ما وقع لملك الجن ها هو المال والذهب لكن لا يوجد أي طعام أو شراب ،
حتى لقى حتفه هناك فكان جزاء الطماع والغدر والحقد.
أما علي وزوجته نائلة وأمه والشيخ حرب وزوجته كانوا من أسعد الناس في حياتهم برجوع الهدوء والفرحة إلى المملكة.