Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات منوعة

سر بكاء أم كلثوم في الأطلال

سر بكاء أم كلثوم في الأطلال

سأل الكاتب الكبير أنيس منصور الموسيقار الكبير رياض السنباطي في أحد الحوارات بينهما:

ما هو اللحن الذي ناطحك وأتعبك حتى تغلبت عليه في النهاية؟

فرد السنباطي قائلا : ربما كان لحناً واحداً هو الأطلال خفت من هذه القصيده جداً ، وقلت لأم كلثوم في أثناء تلحين هذه القصيدة :

“يا أم كلثوم أنا خايف ، وقتها كنا سويا في العجمي ، وتحديدا في قصر الضيافة ، وكانت ترد قائلة :

“يا جدع إنت لك حاجات غريبة خايف من إيه ؟ عيب! ، ولكنها كانت تحس باللحن وعمقه ، وعلى يقين من نجاحه ،

أما أنا فلم يكن عندي هذا الإحساس ، وأجرينا البروفات الضرورية للحن في «شركة مصروفون»

وتحدد موعد تنفيذ الغناء ، والفرقة كلها حفظت اللحن بالصورة التي ترضينى وترضيها ،

ولكنها همست في أذني وقالت لي : يا رياض قلت لها: نعم ؟

قالت : لا داعي لأن أغني هذه القصيدة في الحفلة ، وكانت الصحف قد نشرت أن أم كلثوم سوف تغني «الأطلال» ،

ولما سألتها عن السبب قالت : أنا أيضاً خائفة ، فالأطلال قصيدة عملاقة ، ليس لأنها من تلحينك ولكن لأن كلماتها ،

وقفة طويلة أمام الحياة كلها ، الماضي والحاضر والشباب والكهولة والروح والجسد والحب والموت والقيد والحرية.

ولم تغن أم كلثوم هذه القصيدة ، وبعدها بشهر تقريبا أجرينا البروفات وبكت بعنف ولم تفصح عن سر بكائها ،

فقلت لها: لا داعي لأن تغني هذه القصيدة أيضاَ في الحفل القادم وسألتني : إذن متى أغنيها ؟

فقلت : عندما تستريحين لها تماما ، وسألتني متى؟

إقرأ أيضا: أغرب 20 معلومة

قلت لها بعدين ثم غنتها بعد ذلك وشاء القدر أن تنجح ، ولم أنم تلك الليلة ولا نامت أم كلثوم ،

ففي الثامنة صباحاً إتصلت بي أم كلثوم وقالت لي مبروك قلت لها الله يبارك فيك ، واستكملت كلامها قائلة :

“أنا حاسه إن جبلاً قد إنزاح من فوق رأسي ، وأضافت: هذه الأغنية هي الوحيدة التي أخافتني!”.

وعن سر بكاء أم كلثوم في هذه الأغنية ، قال السنباطي : لاحظت عندما كنا نجري البروفات أن أم كلثوم تبكي ،

ولاحظ الجمهور أن دموعها خانتها أكثر من مرة أثناء غناء الأغنية لأول مرة ، وسألتها عن سر بكائها فقالت :

إنها تذكرت الرجل الوحيد الذي أحبته.

غير أن هذا الرجل الذي قالت إنه مات لم يكن وحده سبب بكائها ، فهناك سبب آخر لم تتحدث عنه أقوى من كل الأسباب وهو أم كلثوم نفسها ،

فقد كانت في ذلك الوقت عام 1966 تجاوزت الستين من عمرها ، وتغيرت حولها الدنيا ، واختفى الأصدقاء ، ورحل زكريا أحمد ،

وبيرم التونسي والقصبجي ،وغيرهم ، وأخذت الشيخوخة تهاجم الباقين ،

وبهذا كانت وهي تغني الأطلال تقف على أطلال عصر جميل ينهار تحت قدميها ، صحيح أنها ظلت تقاوم ،

ولكنها أصبحت وحدها في صومعة الفن الذي ضحت من أجله بالرجل والولد ،

وها هي في النهاية تنظر حولها فلا ترى إلا الأطلال ، ولهذا بكت في البروفة وخانتها دموعها حين واجهت الجمهور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?