سورة المرسلات – تفسير السعدي
سورة المرسلات – تفسير السعدي
” والمرسلات عرفا “
أقسم الله تعالى بالرياح حين تهب متتابعة يقفو بعضها بعضا.
” فالعاصفات عصفا “
وبالرياح الشديدة الهبوب المهلكة.
” والناشرات نشرا “
وبالملائكة الموكلين بالسحب يسوقونها حيث شاء الله.
” فالفارقات فرقا “
والملائكة التي تنزل من عند الله بما يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام.
” فالملقيات ذكرا “
وبالملائكة التي تتلقى الوحي من عند الله يتنزل به على أنبيائه.
” عذرا أو نذرا “
إعذارا من الله إلى خلقه إنذارا منه إليهم ، لئلا يكون لهم حجة.
” إنما توعدون لواقع “
إن الذي توعدون به من أمر يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاء لنازل بكم لا محالة.
” فإذا النجوم طمست “
فإذا النجوم طمست وذهب ضياؤها.
” وإذا السماء فرجت “
وَإذا السماء تصدعت.
” وإذا الجبال نسفت “
وَإذا الجبال تطايرت وتناثرت وصارت هباء تزروه الرياح.
” وَإذا الرسل أقتت “
وإذا الرسل عين لهم وقت وأجل للفصل بينهم وبين الأمم.
” لأي يوم أجلت “
يقال : لأي يوم عظيم أخرت الرسل؟
” ليوم الفصل “
أخرت ليوم القضاء والفصل بين الخلائق.
” وما أدراك ما يوم الفصل “
وما أعلمك أيها الإنسان ، أي شيء هو يوم الفصل وشدته وهوله؟
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك عظيم في ذلك اليوم للمكذبين بهذا اليوم الموعود.
” ألم نهلك الأولين “
ألم نهلك السابقين من الأمم الماضية ، بتكذيبهم للرسل كقوم نوح وعاد وثمود؟
” ثم نتبعهم الآخرين “
ثم نلحق بهم المتأخرين ممن كانوا مثلهم في التكذيب والعصيان.
” كذلك نفعل بالمجرمين “
مثل ذلك الإهلاك الفظيع نفعل بهؤلاء المجرمين من كفار ” مكة “. لتكذيهم الرسول صل الله عليه وسلم.
إقرأ أيضا: سورة الجن – تفسير السعدي
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة لكل مكذب بالتوحيد والنبوة والبعث والحساب.
” ألم نخلقكم من ماء مهين “
ألم نخلقكم – يا معشر الكفار – من ماء ضعيف حقير وهو النطفة.
” فجعلناه في قرار مكين “
فجعلنا هذا الماء في مكان حصين ، وهو رحم المرأة.
” إلى قدر معلوم “
إلى وقت محدود ومعلوم عند الله تعالى؟
” فقدرنا فنعم القادرون “
فقدرنا على خلقه وتصويره وإخراجه ، فنعم القادرون نحن.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بقدرتنا.
” ألم نجعل الأرض كفاتا “
ألم نجمل هذه الأرض التي تعيشون عليها ، تضم على ظهرها أحياء لا يحصون ، وفي بطنها أمواتا لا يحصرون.
” وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا “
وجعلنا فيها جبالا ثوابت عاليات لئلا تضطرب بكم ، وأسقيناكم ماء عذبا سائغا؟
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بهذه النعم.
” انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون “
يقال للكافرين يوم القيامة : صيروا إلى عذاب جهنم الذي كنتم به تكذبون في الدنيا.
” انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب “
سيروا ، فاستظلوا بدخان جهنم يتفرع منه ثلاث قطع.
” لا ظليل ولا يغني من اللهب “
لا يظل ذلك الظل من حر ذلك اليوم ، ولا يدفع من حر اللهب شيئا.
” إنها ترمي بشرر كالقصر “
إن جهنم تقذف من النار بشرر عظيم ، كل شرارة منه كالبناء المشيد في العظم والارتفاع.
” كأنه جمالة صفر “
كأن شرر جهنم المتطاير منها إبل سود يميل لونها إلى الصفرة.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بوعيد الله.
” هذا يوم لا ينطقون “
هذا يوم القيمة الذي لا ينطقون فيه بكلام ينفعهم.
إقرأ أيضا: وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
” ولا يؤذن لهم فيعتذرون “
ولا يكون لهم إذن في الكلام فيعتذرون لأنه لا عذر لهم.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يومئذ للمكذبين بهذا اليوم وما فيه.
” هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين “
هذا يوم يفصل الله فيه بين الخلائق ، ويتميز فيه الحق من الباطل ،
جمعناكم فيه يا معشر كفار هذه الأمة مع الكفار الأولين من الأمم الماضية.
” فإن كان لكم كيد فكيدون “
فإن كان لكم حيلة في الخلاص من العذاب فاحتالوا ، وأنقذوا أنفسكم من بطش الله وانتقامه.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بيوم القيامة.
” إن المتقين في ظلال وعيون “
إن الذين خافوا ربهم في الدنيا ، واتقوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ،
هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارفة وعيون الماء الجارية.
” وفواكه مما يشتهون “
وفواكه كثيرة مما تشتهيه أنفسهم يتنعمون.
” كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون “
يقال لهم : كلوا أكلا لذيذا ، واشربوا شربا هنيئا ، بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال.
” إنا كذلك نجزي المحسنين “
إنا بمثل ذلك الجزاء العظيم نجزي أهل الإحسان في أعمالهم وطاعتهم لنا.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بنعيم الجنة.
” كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون “
يقال للكافرين : كلها من لذائذ الدنيا ، واستمتعوا بشهواتها الفانية زمنا قليلا.
إنكم مجرمون بإشراككم بالله.
إقرأ أيضا: إنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيمة للمكذبين بيوم الحساب والجزاء.
” وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون “
وإذا قيل لهؤلاء المشركين : صلوا لله ، واخشعوا له ، لا يخشعون ولا يصلون ، بل يصرون على استكبارهم.
” ويل يومئذ للمكذبين “
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بآيات الله.
” فبأي حديث بعده يؤمنون “
فبأي كتاب وكلام بعد هذا القرآن المعجز الواضح يؤمنون إن لم يؤمنوا بالقرآن؟