سيف الدين قطز
هو واحد من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين ، وإسمه الأصلي محمود بن ممدود ، وهو من بيت مسلم ملكي أصلي ، وسبحان الله!
كم هي صغيرة هذه الدنيا! فقطز رحمه الله هو إبن أخت جلال الدين بن محمد بن خوارزم وجلال الدين الذي هزم التتار مرتين ،
ثم هزم وفر إلى الهند ، ثم عاد إلى أرض فارس وقتل الكثير من المسلمين إلى أن قتل على يد فلاح كردي.
فالتتار لما أمسكوا بعضا من أهل جلال الدين بن خوارزم بعد فراره إلى الهند ، كان قطز أحد هؤلاء الذين أمسكهم التتار ،
فقتلوا بعضهم وأبقوا بعضهم ؛ ليباعوا في سوق الرقيق ، وكان ممن بقي محمود بن ممدود أو قطز.
والتتار هم الذين أطلقوا على قطز إسم قطز ، وهذه الكلمة بالتترية تعني :
الكلب الشرس ، فقد كان واضحاً على قطز علامات القوة والبأس من صغره ، فلذلك أطلق عليه التتار هذه الكلمة ،
ثم باعوه بعد ذلك في أسواق الرقيق في دمشق ، واشتراه أحد الأيوبيين وجاء به إلى مصر ،
ثم إنتقل من سيد إلى غيره حتى وصل في النهاية إلى الملك المعز عز الدين أيبك ؛ ليصبح من أكبر قادة الدولة وأهمها.
ولعلنا نلحظ بوضوح في قصة قطز التدبير العجيب لرب العالمين سبحانه وتعالى!
إقرأ أيضا: هارون الرشيد والمرأة الناقمة
فالتتار مكروا بالمسلمين ، واسترقوا أحد أطفالهم ، وباعوه بأنفسهم في دمشق ،
ثم بيع بعد ذلك من واحد إلى آخر ، ووصل إلى بلد لم يرها قبل ذلك ، ولعله لم يكن يسمع بها أصلاً في هذا السن الصغير ،
ليصبح في النهاية ملكاً على هذا البلد ، وتكون نهاية التتار الذين قاموا بنقله من أقاصي بلاد المسلمين إلى مصر ،
على يد هذا المملوك الذي كان يباع ويشترى ، وسبحان الذي يدبر بلطف ، ويمكر بحكمة ،
ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
{وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل:50]
المصدر : البداية والنهاية لابن كثير.