صانعة العرائس
فضيلة ترويض النّفس
هناك من الناس من يتألم ولا يتكلم ، يبكي ولا يصرخ ، ويرسم أمامنا إبتسامة باهتة ، ليس كل إنسان مبتسم سعيد ، فوراء كل ابتسامة ألم شديد.
المرأة هي من تعاني أكثر : تدرس ، تحبّ ، تتزوج ، تخلص ، تنجب وترضع ، تربّي ، تعمل ،
تتحمّل القلق والخوف ، الغيرة ، وجنون الرّجال ، وهي بنصفِ عقلِ كما يقول مشائخكم.
وتقاوم ، وتنجح ، فبربّكم لو كانِ عقلها كاملا فماذا كانت ستفعل يا ترى؟
يحكى أنّ إمرأة تزوّجت من رجل أحبّته ،
كانا خلال حياتهما يتصارحان حول كل شيء ويسعدان بقضاء كل الوقت في الكلام أو خدمة أحدهما الآخر ،
لكن أمراً واحداً فقط بقي في طي الكتمان!
وبعد ستين عاما على زواجها قرّرت أن تكشف له سرّها ، كانت العجوز تحتفظ بصندوق فوق أحد الرّفوف ،
وعندما تحمله تغلق على نفسها باب الغرفة وسألها زوجها مرارا عن محتواه ، قالت له أنّه ذكرى من أمّها ،
ولأنّ الزّوج كان يحترم رغباتها فإنه لم يحاول فتحه.
بقي الأمر على هذه الحالة الى أن جاء يوم أنهك فيه المرض الزوجة ، وقال الطبيب أنّ أيامها باتت معدودة.
وبدأ الزوج في البكاء عليها ، قالت له لا تحزن لقد أخذنا نصيبنا من الدنيا ، لقد حان الوقت لأكشف لك عن سر الصّندوق ،
ناولني إياه من على الرّف.
تحسّسته بأيادي مرتعشة وفتحته ، حملق الرجل بدهشة فقد كان بداخله دميتين من القماش وإبر خياطة ،
وتحت كل ذلك مبلغ 75 ألف دولار ، فسألها عن تلك الأشياء.
فقالت العجوز هامسة : عندما تزوجتك ، أبلغتني جدتي أنّ سرّ الزواج الناجح يكمن في تفادي الجدل والنقاش الذي لا داعي منه ،
ونصحتني بأنه كلما غضبت منك ، أكتم غضبي وأقوم بصنع دمية من القماش مستخدمة الإبر.
إقرأ أيضا: التاجر والكنز والببغاء
هنا كفّ الرجل عن البكاء وابتسم دميتان فقط؟
يعني لم تغضب مني طوال ستين سنة سوى مرتين؟
ورغم حزنه على كون زوجته في فراش الموت فقد أحس بالسعادة.
ثم سألها : حسنا ، عرفنا سر الدميتين ولكن ماذا عن 75 ألف دولار؟
أجابته زوجته : هذا هو المبلغ الذي جمعته من بيع الدمى.
العبرة
لقد جمعت العجوز ثروة من تفادي الغضب مع زوجها ، ودامت عشرتها معه ستين سنة ،
نصحتها جدّتها ، لكن هل تعلمون أن هذه النصيحة وردت في القرآن قبل 1400 سنة : “
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين. آل عمران : 134.