Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

صدفة قصة قصيرة

صدفة قصة قصيرة

النداء الأخير لركاب طائرة مصر للطيران المتجه للقاهرة ، تردد الصوت بداخل الإذاعة الداخلية في المطار ،

أسرع الخطى حاملا حقيبته متجها للطائرة وهو يشعر بإرهاق شديد ، فهو لم ينام منذ يوم ونصف تقريبا وقد بلغ به الإجهاد مبلغه.

يريد أن يجلس في مقعد الطائرة ليغط في نوم عميق لا ينهض إلا عندما يصل للقاهرة ،

يشعر وكأنه محارب انتهى لتوه من معركة شرسة ، خرج منها مصاب بالكثير من الجروح.

فقلبه يتملكه حزن شديد لخروجه من قصة حب انتهت بالفشل ،

وبرغم مرور وقت طويل إلا أنها مازالت تترك في حلقه غصة مريرة لليوم ، أقسم أنه لن يخوض تلك التجربة مرة أخرى.

اعتاد أن يكون حاد الطباع مع أي فتاة تحاول أن تتحدث معه بأسلوب رقيق حتى في إطار صداقة العمل ،

دائما ما كان يغلق ذلك الباب بإحكام ، كل ما كان ينقصه أن يقوم بتعليق لافتة على صدرة مكتوب عليها (ممنوع الإقتراب) ،

فبعد ما تعرض له ، لم يعد يثق بأي منهن.

توجه للمقعد المخصص له بداخل الطائرة ، شعر بالضيق الشديد عندما وجد أحد الفتيات تجلس عليه ،

خاطبها بنبرة حادة قائلا : هذا مقعدي ، انهضي.

نظرت إليه الفتاة بنظرة تحمل الكثير من التعجب والخجل ، وردت وهي تنهض قائلة :

أنا أسفة لقد حدث خطأ فمقعدي هو المجاور وليس هذا.

رد عليها بلهجة أكثر عدوانية : من الأفضل بعد ذلك أن تتحري الدقة.

نظرت إليه متعجبة ولم ترد ، لقد اعتذرت له وهي ترى أن الأمر هين ، لا يستحق أن يتحدث إليها بهذا الأسلوب العدواني الذي يخاطبها به.

فكرت أن توبخه على طريقة حديثه معها ، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة وآثرت الصمت.

إقرأ أيضا: الإمام الذي تم سلخه حيا

نظر إليها بطرف عينيه دون أن تلاحظ ، وجد في عينيها دمعة تترقرق ، لكن كبرياء المرأة بداخلها يمنعها من النزول ،

شعر بأنه أخطأ في حقها ، تردد كثيرا في أن يعتذر لها عن ما بدر منه ،

لكنه استجمع شجاعته بصعوبة ونظر إليها قائلا : آسف لو كنت تحدثت معك بأسلوب غير لائق.

نظرت إليه وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة وهي ترد قائلة : لا عليك أنا المخطئة.

جذب حزام الأمان محاولا الإسترخاء في مقعده ، بينما كان يتابعها بطرف عينه بدون أن تشعر ،

وجدها تضيء شاشة التلفاز المتواجدة أمامها ، تبحث عن شيء ما ، في النهاية استقرت على أغاني لمطرب شهير ،

يالصدفة إنه مطربه المفضل ، واصل متابعتها باهتمام دون أن تلاحظ ، وجدها تبحث عن أغنية معينة ،

كانت دهشته كبيرة إذ كانت نفس أغنيته المفضلة!

يريد أن يستمع هو أيضا لتلك الأغنية وهو مغمض العينين حتى يذهب في نوم عميق ،

يشعر بارهاق شديد ، وقد بدأت الأمور تتداخل في عقله ، وأخذ يخيل إليه أشياء غير منطقية ،

ذلك الشعور الذي يعرفه جيدا من لا يناموا لأكثر من يوم فما بالك به ، وهو لم ينام لأكثر من يوم ونصف.

أعاد النظر للفتاة خلسة من جديد ، وجدها تخرج من حقيبتها كتاب ،

دقق النظر كانت دهشته تلك المرة تفوق الوصف لقد كان نفس الكتاب الذي اشتراه قبل صعوده للطائرة!

لم يستطع تمالك لسانه الذي أفلت رغما عنه وخاطبها قائلا :

إن ذلك الروائي كل كتاباته رائعة ، إنني أقرأ له منذ زمن بعيد.

أجابته بابتسامة تعلو شفتيها : نعم إنه كاتبي المفضل.

إقرأ أيضا: سمع القاضي أن شابا يتحدث في المسجد عن الزهد

كان الكتاب الذي تحمله ، بداية لحديث طويل بينهم استمر قرابة الساعة ، ضحكا بشدة ،

تحدثا في الكثير من الأمور ، ومع مرور الوقت شعر بأنها تشبهه لدرجة لا تصدق ،

أخبرته بأنها خرجت لتوها من قصة حب لم يكتب لها النجاح ، تحدث لها عن التجربة الأليمة التى مر بها ،

شعر براحة غريبة تجاهها ، وكأنه يعرفها منذ زمن بعيد.

شعر بانجذاب غريب تجاهها ، لا يدري ماذا يحدث له حقا ، وما ذلك الشعور الذي يشعر به هل هو حب؟

حدث نفسه بأن يكف عن تلك السخافات ، هل يمكن أن يحبها في ساعة واحدة!

أثناء حديثهما غلبه النعاس دون أن يشعر ، أفاق من نومه نظر بجانبه ليعتذر عن ما بدر منه ،

لكنه لم يجدها بجواره ولم يجد حقيبته ، تحدث لنفسه بأنها ربما ذهبت للمرحاض وسوف تعود بعد قليل ،

مرت أكثر من عشر دقائق ولم تعود.

مرت المضيفة بجواره سألها قائلا : لو سمحتي كان هناك فتاه تجلس هنا أين ذهبت؟

بعدما سألها شعر بسخافة سؤاله ، وربما تتهمه المضيفة بالجنون ، لكنه لم يستطع أن يتمالك نفسه بعدما غلبه فضوله الفضول.

أجابته المضيفة بابتسامة اعتادت عليها مع جميع الركاب :

سيدي إن صاحب المقعد المجاور لك لم يتمكن من اللحاق بالطائرة.

قالت جملتها وانصرفت.

صاحب المقعد لم يلحق بالطائرة ، ردد الجملة في عقله كثيرا ،

كيف ذلك لقد كانت هنا تحدث معها وضحكا سويا ، يتذكر ملامحها بكل دقة وكأنه يعرفها منذ عشرات السنين.

ترى هل كان يحلم؟

ربما فهو لم ينم لفترة طويلة وقد يكون كل ما رآه حلم بالفعل.

إقرأ أيضا: إختفاء توم وأيلين الغامض

إن الأمور تتداخل حينما لا ينعم عقلك بالنوم لفترة جيدة ،

ابتسم بسخرية وهو يشعر أنه قد أصابه الجنون ، لكنه كان سعيد بذلك الحلم الرائع على كل حال.

تمنى لو أنه يجيد الرسم ليخرج صورتها من عقله إلى ورقة أمامه ليبحث عنها في كل الطرقات والشوارع ، لعله يجدها.

أفاق من شروده على صوت قائد الطائرة يتحدث قائلا : الرجاء ربط الأحزمة فنحن في مرحلة الهبوط التدريجي.

تحسس حزامه ليتأكد من وضعيته السليمة ، أطلق تنهيدة وهو يتذكر صوتها وصورتها ،

وانسابت من عينيه دمعة وردد بصوت خافت ، ياليتكي كنتي حقيقة.

هبط درجات سلم الطائرة وتوجه لأخذ حقيبته ، ولا شيء يشغل باله غير ذلك الحلم وتلك الصورة التي نحتت بداخل قلبه وعقله.

أثناء وقوفه أمام السير المخصص لخروج الحقائب شعر بشخص ما يقوم بالطرق على كتفه من الخلف ، استدار ليرى من؟

كانت هي بابتسامتها العذبهة ووجهها الملائكي وعيناها الساحرتين ،

لم يصدق عينيه شعر بذهول ، فقد القدرة على الحديث ، ظل ينظر إليها غير مصدق أنها حقيقة ،

بادلته النظرة وفي عينيها إعجاب لم يخطئه ، بعد قليل استجمع شتات نفسه وخاطبها قائلا :
أين ذهبت؟

لقد غلبك النعاس وأنا أتحدث إليك ففضلت أن أفسح لك المجال حتى تنام بدون إزعاج وعدت إلى مقعدي.

بدى التعجب على وجهه ، بينما أكملت حديثها قائلة :

إن المقعد المتواجد بجوارك ليس مقعدي ، لقد كان مقعدي في أخر الطائرة ،

ولقد وجدت هذان المقعدان فارغان قبل أن تأتي فرغبت بالجلوس بهما.

ابتسم وهو غير مصدق أن ما كان يظنه حلم ، قد أصبح حقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?