صفات المؤمنين التأني
التأني وأهميته في حياة المسلم
الحمد لله الذي جعل التأني من الأخلاق الكريمة ، ووعد من تخلَّق به السلامة من الحسرة والآفات والندامة.
️فأما حاجتنا إلى التأني في عباداتنا ، فالمسلم يحرص أن يصلي بخشوع وخضوع ، ولا يسرع في صلاته ،
فقد رأى رسول الله صل الله عليه وسلم رجلا صلى بسرعة ولم يتم ركوعها وسجودها قال له : (ارجع فصلِّ ، فإنك لم تصلِّ) ثلاث مرات
فقال : والذي بعثك بالحق ، فما أحسن غيره ، فعلمني ، قال :
(إذا قمت إلى الصلاة ، فكَبِّر ، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئنَّ راكِعًا ،
ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا ، ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجِدًا ، ثم ارفع حتى تطمئنَّ جالِسًا ،
ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجِدًا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها).
وكذا عند قراءة القرآن الكريم لا ينبغي للمسلم أن يُسرِع في تلاوته ؛ بل يرتله ترتيلًا ،
ويعطي كل حرف حقَّه ، لينال على كل حرف حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها.
️وكذا عند الدعاء ، فالمسلم يسأل الله تعالى ما شاء من خيري الدنيا والآخرة ؛ لكنه لا يتسرَّعُ ويستعجل الإجابة ،
يقول رسول الله صل الله عليه وسلم : (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يستعجل ،
يقول : قد دعوت وقد دعوت ، فلم أر يستجيب لي ، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء).
فسيدنا موسى عليه السلام لما دعا على فرعون وقومه بقوله :
﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس : 88]
استجاب الله تعالى دعوته فقال : ﴿ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا ﴾ [يونس: 89].
ولكن بقي بعد فرعون وقومه بعد هذه الإجابة أربعين سنة ثم أهلكوا ،
أربعون سنة يا عباد الله! وموسى ينتظر ولم يستعجل ولم يمل حتى تحققت الإستجابة بغرق فرعون وقومه.
إقرأ أيضا: صفات المؤمنين الأمانة
وأما حاجتنا إلى التأنِّي في معاملاتنا فإن أهميته تظهر فيما يلي :
لو بلغتك إشاعة عن أخيك تكرهها في دينه أو عرضه أو شرفه أو خلقه ، فإنك لا تتسرَّع إلى تصديقها ؛
لأن الإشاعات غالبًا تكون كاذبة ، ونتائجها سيئة ، فكم من زوجين طُلِّقا ، وكم من قرابة قُطعت ،
وكم من شراكة فُرقت ، كم من جماعة شُتِّتَت بسبب خبر كاذب ،
وقد رأينا رسول الله صل الله عليه وسلم لم يحارب بني المصطلق ؛
بل تأكَّد من صحة الخبر لما جاءه وفدهم يكذب ما ادَّعاه الوليد بن عقبة رضي الله عنه.
مثال آخر : لو تتبعتم كثيرًا من حالات الطلاق في مجتمعنا ، ستجدون أن السبب خلاف ونقاش بين زوجين بسبب مشكلة صغيرة ،
فيغضب الإثنان ويتسرَّعان إلى حل مشكلتهما بالطلاق ، فيتشتت شمل الأسرة ، ويكون الأولاد ضحية هذا التسرُّع ،
وعرضةً للانحراف والتشرُّد ، فيا معشر الأزواج : إن الحياة الزوجية بما فيها من سكن ونفقة ومعاشرة وتربية الأولاد كلها عبادة لله تعالى ،
فلو قدر أن هناك مشاكل فحلُّها الصبرُ وكظم الغيظ ، والاحترام والتسامح ، والرضا وتحمل أخطاء الآخر ،
فلا يتسرَّع إلى الطلاق ؛ بل لا بُدَّ من التأنِّي والتمهُّل وعدمِ التسرع لكيلا تصبحوا على ما فعلتم نادمين.