الحب في الحياة

صمت مغمس بالموت

صمت مغمس بالموت

لطالما كان أبي رَجلي المفضل، وحبيبي الأول
حتى حين تلهف قلبي للعشق، ودق قلبي أحببت شخصا يشبهه

كنت أرى في علاء نسخة عن أبي، حنانه، عطفه، حبه لي خوفه علي.

همت بحبه حد العشق وتخطيت كل اعتبارات وفوارق كانت بيننا

تخطيت الجاذبية ووقعت بحبه مرتطمة بالسماء.

حين هاتفتني والدته لم تقل سنأتي لخطبتك بل عانقتني بحروفها قائلة:

أخبري والدك أن لنا أمانة عندكم وسنأتي لنستردها فأنت جزء من هذا البيت يا ابنتي.

لم تسعني الدنيا وقتها من الفرح، سقف غرفتي كان أضيق بكثير من احتمال فرحة كهذه،

فطرت للسقف أشارك الفضاء عله يحتويني.

أبي قال أنني غبية، وأنه لن يرميني في جحر أناس مثلهم ليلتهمني الفقر وتكسوني الفاقة،

أخبرته أن ذلك المنزل قصر، وأنهم أغنياء، أغنياء جدا ففي آخر مرة زرت منزلهم

أطعموني الكثير من الضحكات لحد التخمة، كسوني بالحب فما استشعرت قرص ديسمبر ولا برد حوائطهم،

والدته أطعمتني حساء مشبعا بالدعاء كم كان شهيا وقتها لم يستمع وصمتت أمي.

أخبرني أبي أن علاء لا يملك شهادات عليا، وأنه لن يرضى برجل لا يملك مالا ولا علما ليكون صهره، وأجبته:

أنه يملك قلبي، ظننت ذلك مهما، لم يهم.
و أنه يحبني وسيحميني، لم ينفع.

أنه لم يقرأ كتبا ويرتد جامعات، لكنه يعيل عائلة، يطيع ربه بالقدر المطلوب، يحمل بياض الكون في رصيده، ويحبني، يحبني جدا.

لم يستمع لي
وسكتت أمي
قال أصمتي وصمتت.

إقرأ أيضا: ماتت امراة من نساء المدينة المنورة

صمتتّ لدرجة أنه في آخر لقاء لنا أخبرني علاء أنه لن يغفر لي أبدا.

صمتت لدرجة أن والدته الحنون سحبت كل دعواتها لي وأحالتها عليّ.

ولأنني أحب أبي، أحبه جدا سكتت معلنة إنسحابي منه ومني وعجزت عن رفع رأسي والنظر إليه.

1 3 4 10 1 3 4 10

خفت أن تلتقي عينانا ويخر قلبي.
رحلت بعد أن وقعت شهادة وفاتنا ورحلت.

مرت عشر سنوات على فراقنا، أعيش في بيت جميل لكنه بارد، حيطانه تبث القشعريرة في جسدي الهزيل

يصرف زوجي بسخاء ، لكننا لا نجتمع على مائدة واحدة أبدا، فهو دائما مشغول

اكتساني الغنى الفاحش، كما أراد أبي، لكن ذلك الغنى لم يستطع علاج زوجي أبدا وجعلنا نرزق بطفل واحد

ألتقي مع والداي في الأعياد الهامة فزوجي لا يحبذ الزيارات ولا تهمه العلاقات الأسرية

وأنا أطيعه تماما كما أمر أبي حين تزوجنا

لم أعد أحب أبي، لم أعد أحبه بنفس الطريقة والشغف،

انطفأت شعلة محبتي حين حرمني من أحب، أطعته فخسرت نفسي وحبي وخسرته.

وبنفس الجبن الذي اكتساني وأنا أودع علاء لم أنظر في عيني أبي طيلة عشر سنوات

اليوم في لقاء عابر، قطعت صمتنا شعلة وهج رأيتها جليا في عين أختي وهي تخبرنا بتقدم شاب لخطبتها

تساءل أبي: ما عمله ومركزه؟
رفعت عينيّ اللتان عانقتا الأرض لعقد كامل من الزمن وأجبت بصوت عال مزق انتباه الحاضرين:

أبي، لا تقتلها
اليوم تكلمت أنا
وصمت أبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?