طلب مني النوم بفراشه أو النوم بالشارع
كنت أسكن في عاصمة سوريا (دمشق) مع عائلتي
كنا لا نتعرض لقصف في منطقتنا لتواجدنا في العاصمة
حيث كانت العاصمة الأقل بين المحافظات ضرراً من الحرب التي أشعلت البلد
فكنا نعيش في أمان تقريباً
نسمع فقط أصوات القصف على باقي المحافظات السورية الأخرى دون أن يحدث أي شيء في منطقتنا.
في يوم من الأيام طلبت من والدتي السفر إلى دولة عربية أخرى حيث تسكن صديقتي المقربة.
كانت والدتي تخاف عليّ كثيراً
لكنني إستطعت إقناعها هي وأبي بأن هذا سيكون أفضل لمستقبلي ، وسوف أستطيع مساعدتهم إذا قمت بالعمل هناك.
بعد حصولي على موافقة والديّ وإرسال صديقتي لي الفيزة لأستطيع السفر عن طريقها ، بدأت أحضر نفسي للسفر وأنا في لهفة كبيرة ،
حيث كانت أول مرة أسافر فيها بمفردي وتعتبر مغامرة بالنسبة لي.
ودعتهم وأخذ والدايّ يدعون لي وإخوتي كانوا يبكون بشدة لسفري ، حيث أنها المرة الأولى التي أبتعد فيها عنهم وعن المنزل.
أخبرتهم أنني لن أتأخر وأخذت أمازحهم حتى رأيتهم يضحكون.
سافرت لصديقتي وعند وصولي إليها بهرت بجمال المنطقة التي تعيش فيها
وكانت الأيام الأولى التي قضيتها معها جميلة جداً حيث كنا نخرج للتنزه يومياً.
مضى على سفري ٥ أيام
كانت والدتي تتصل بي يومياً لكن إنقطع إتصالها منذ يومين.
إقرأ أيضا: في ذات يوم أسود في أحد الأسواق التجارية وفي مدينة الخبر
إتصلت بها عدة مرات لكنها لم تجب كما إتصلت بوالدي لكنه لم يجب عليّ ايضاً.
قلقت كثيراً وأخذت أفكر كيف يمكنني أن أتواصل معهم ، إتصلت بعمتي سمعتها تبكي.
سألتها السبب وراء بكائها
لم تجب عليّ لفترة ثم أخبرتني بقصف حدث لمنزلنا في سوريا ، وأن والداي وإخوتي قدّ توفوا.
لم أصدق في تلك اللحظة
كانت لحظة لا تنسى فهي من أسوء اللحظات في حياتي.
طلبت منها أن تكف عن المزاح وتخبرني الحقيقة فأنا لم أشأ التصديق ، لكنها أعادت ما قالته إنهم توفيوا وتم دفنهم.
كنت أتخيل أنني أحلم وأرى كابوساً مزعجاً وأريد الإستيقاظ في تلك اللحظة ، لكن بالفعل ذلك حدث ولا شيء للأسف يغير حقيقة الواقع.
دخلت في نوبة إكتئاب هيستيرية
صديقتي كانت تخفف عني وتكلمني كثيراً أنه قضاء الله وقدره.
وأن هذا قد حصل وأنه يجب عليّ تقبل الأمر ،
لكنني بقيت على هذا الحال لمدة ٣ أشهر
لا أعلم ماذا أفعل في تلك الفترة.
لا أستطيع العودة لبلدي الآن ولا يمكنني المكوث أكثر في بيت صديقتي
يكفي أنني جلست معها كل تلك الفترة.
طلبت منها أن تبحث معي عن شقة صغيرة تكون تكاليفها بسيطة ، حتى أستطيع إدخار بعض المال ،
وأفكر حينها إن كنت سأعود إلى سوريا أم أنني سأبقى أعمل هنا.
لم توافق على ذلك وصممت أن أبقى أعيش عندها ، لكنني رفضت وأخبرتها أنني سأذهب إليها من حين لآخر.
أخذنا نبحث أنا وهي على شقة قريبة منها
وبالفعل وجدنا شخص بدى لي أنه مريب ،
أخبرنا عن شقته ووجدنا سعرها ممتاز مقارنةً بما قد وجدناه أثناء بحثنا منذ أيام.
إقرأ أيضا: التفكير الإبداعي الملك والوزير
بعد عدة أيام من إستلامي الشقة قررت البحث عن عمل حتى أستطيع العيش من خلاله
حيث لم يبقى معي إلا القليل من المال ،
لا اعرف ماذا سأفعل بعد أن ينتهي.
بحثت في شبكات التواصل الإجتماعي وبعض المواقع التي تقدم فرص عمل ، لكن الجميع كانوا يرفضوني لكوني سورية.
لم أعرف السبب ، دائما عند تقديم أوراقي السورية يتم رفضي.
لم يتبقى معي مال الآن.
طلبت من صاحب الشقة أن يمهلني بعض الأيام لأتدبر أمري وأحصل على المال ، وافق على ما طلبته منه ،
بعد مرور خمسة عشر يوماً وجدته يطرق عليّ الباب ، عندما فتحت له طلب مني إيجار الشقة.
أخبرته أنني أبحث عن عمل وعن قريب سأعطيه حقه كاملاً ، أخذ يحدق بي بطريقة أخافتني كثيراً
طلبت منه الرحيل حتى أغلق الباب
بدأت أقلق كثيراً ماذا افعل؟
لا أمتلك أي فرصة في تلك البلدة ولا أستطيع السفر الآن والعودة إلى سوريا
فأنا لا أملك حق التذكرة على الأقل.
بعد يومين جاء لي صاحب الشقة مرة أخرى
لكنه طلب مني هذه المرة شيء بالفعل أدهشني وجعلني أبكي في نفس اللحظة.
طلب مني النوم في فراشه أو النوم في الشارع ، طردته في نفس اللحظة وأنا قد تأكدت بأنني وحيدة بعد رحيل عائلتي عن هذه الدنيا.
لا أملك شيء ولا شخص سوى صديقتي التي لا أريد أن أثقل عليها.
وأتعبها معي لكن في تلك اللحظة أسرعت اليها وأخذت أبكي بشدة ، قمت باحتضانها وشكوت لها عما حدث معي.
طلبت مني العيش معها فهي تعيش مع والداتها وأخيها دائماً خارج البلاد.
وافقت حيث أنني لا أملك خيار آخر
ذهبت إلى صاحب الشقة ومعي صديقتي أعطيت له المفتاح وأخذت ملابسي وذهبنا.
مع مرور الوقت وجدت شركة لغات وقبلوا بدرجة تعليمي وحصلت على وظيفة محترمة وراتب جيد.
لقد تغيرت حياتي منذ تلك الفترة
بعد ٥ أعوام طلب مني مدير الشركة الزواج منه.
فرحت كثيراً فهو شخص محترم وله مكانة وتفكير متقدم ، أعيش الآن معه ومعي ٣ بنات هم من عوضوني عن عائلتي.
كونت عائلة خاصة بي
أشكر الله دائماً على وجودهم في حياتي.
وأشكر والداي اللذان علماني ألا أبيع نفسي لأي شخص ، وأن أحافظ على نفسي دائما وفي أي ظرف.