عاد الثور الأسود إلى القبو متعبا من كثرة العمل ، والفلاحة في الحقول ، وجلس في زاوية القبو يزفر تعبا شاكيا.
وتطلع الحمار نحو الثور ، وقال له :
ما بك يا صديقي الثور لا تتكلم ولا تتحرك كأنك ميت؟
قال الثور : إنني متعب جدا يا صديقي ، فالأراضي واسعة والفلاح لا يرحم.
قال الحمار : ألا تستطيع الهرب منه ، وعدم الذهاب إلى العمل معه؟
فأجاب الثور : ومن يستطيع الهرب من الإنسان؟ ألا تراه كيف يسخِّرني لأعماله وحاجاته ،
وسيذبحني يوم لا يعود له مني نفع.
ألديك حيلة تريحني من العمل؟
قال الحمار : تمارض اليوم ولا تأكل علفك ، وعندما يأتي صاحبنا قبل طلوع الفجر ، تظاهر بأنك لا تستطيع الوقوف أو السير ،
فيتركك ويمضي بدونك ، فترتاح من هذا التعب الشديد.
وكان صاحبهما يفهم لغة الحيوان ، فسمع كل ما دار بينهما من حديث.
وفي صباح اليوم التالي ، نزل الفلاح إلى القبو ، فوجد الثور نائما ويتوجع ، فتركه وأخذ الحمار بدلاً عنه.
وراح الفلاح يفلح طوال النهار على الحمار الذي تعب تعبا شديداً.
وعند المساء أعاده إلى القبو ، وهو لا يستطيع حراكا.
وتقدم الثور من الحمار يسأله عن صعوبات العمل ، وحسن التدبير.
فقال الحمار : يا صديقي الثور ، سمعت صاحبنا الفلاح يقول لولده :
“إذا بقي الثور هكذا مريضاً فسنذبحه قبل أن يموت”.
فالأفضل لك أن تأكل علفك وتعود إلى عملك.
ورضي الثور بهذا الحل.
فقال الحمار في نفسه : حقيقة ، من تدخل فيما لا يعنيه نال ما لا يرضيه ، ومن تقع حيلته عليه يكون حمارا.