عزيزي صاحب الظل الطويل
عزيزي صاحب الظل الطويل
لم أحدثك مسبقا عني لكن أفكر الليلة أن أخبرك من أنا ، ولا تخيفني فكرة أن تغير رأيك بي لكنني أتمنى ألا تفعل.
تعرف أنني شخص قليل الكلام ، لكنني في الحقيقة ثرثارة جدًا إذا حادثت من أحب ،
وأنني لم أعاتب أحدًا أبدا لكنني أحمل في قلبي أكثر من ألف عتاب؟
تعرف أنهم يرددون بأنني أكثر الفتيات تعقلًا لكنني في الحقيقة طفلة جدًا ،
وبأنني أكثرهن صبرا لكن روحي في الحقيقة قد نفذ صبرها.
تعرف أنني أسرع العالمين بكاء؟ وبأنني أعاني حساسية مفرطة ولطفا زائدا يغري الآخرين بالإساءة لي دائمًا ،
وبأنني قارئة استثنائية مهووسة بكل ألوان الكتب ، لكنني لم أقرأ كتابا استثنائيًا لأنك لم تؤلف واحدًا حتى هذه اللحظة.
عزيزي صاحب الظل الطويل تعرف أنني آكل كرات الثلج حتى اليوم؟
وبأنني أتعمد المشي على أطراف أصابعي لأن هذا يشعرني بالدلال الزائد ،
وأنني أقتني معظم أحذيتي ذات كعب عال لكنني في النهاية أخرج كل مرة بحذائي الأرضي.
تعرف طبعا بأنني لا أحب كرة القدم ، ولم أهتم أبدا بمعرفة من يكون مشاهيرها ،
إلا أنني حاولت معرفته مؤخرًا لأنك تحبه ، ولا أجيد ألعاب الكمبيوتر لكنني في الأيام الأخيرة تعلمتها خصيصًا لك.
تعرف أنني مُسبقًا لم أكن أحب المطبخ إلا أنهم الآن ينعتونني بأنني “طاهية بالفطرة” ،
لأن كل طعام طهوته تخيلت أنك تأكل منه فأمزج مع مكوناته حُبًا وحنانًا ومودة ،
وبأنني لم أكن أحب اللون الأسود أبدًا إلا أنه بات لوني المفضل مذ رأيتُ ملابسك لا تكتمل إلا به.
تعرف أنني طفلة جدًا ، أحب أفلام الكارتون وأميرات ديزني وأبطالها وأتخيلك دائما واحدا منهم ،
وأنني أحلم بأن نركض سوا لكنني أسبقك في كل مرة ، وأن نتمشى ليلًا لكنني أدعي الإرهاق في منتصف الطريق حتى تحملني إلى منزلنا؟
إقرأ أيضا: رحمة الله بالتاء المربوطة ورحمت الله بالتاء المبسوطة
تعرف أنني أحبُ الشيكولاتة والشتاء والغيوم جدًا ، وبأنني سريعة البكاء جدًا جدًا وأمتلك دموعًا إضافية تكفي كل سكان العالم ،
وبأنني أحب اللين ويأسرني الرفق وأكره الغضب والفوضى والصوت العال وكل ما يسرق من الإنسان سكينته؟
عزيزي صاحب الظل الطويل تعرف أنني هادئة جدًا ، لكنني أشتاق أن أمارس جنوني سريعًا معك ،
وبأنني صامتة دائمًا لكنني آمل أن أملأ أذنيك قريبًا بثرثرتي الفارغة عن الكتب والحب والإنسانية ،
عن فيلمي المفضل ودبابيس شعري وألوان طلاء أظافري ، وأنني أخشى الغرباء جدًا لكنني لا أخشاك أبدًا رغم أنك الأكثر غرابة فيهم.
تعرف أنني لم أحضر عيدا استثنائيا أبدا لأنك لم تهنئني بعيدٍ واحد حتى هذه اللحظة ،
وبأنني لم أهتم أبدًا بماركة وأنواع السيارات الجديدة حتى عرفت شغفك بها ،
ولم تستهوني أبدًا كتب السياسة حتى سمعت أنك سياسي بارع.
عزيزي صاحب الظل الطويل ، غيرت رأيك بي؟
أنا الأكثر منطقية ونضجًا ، أم الأكثر عبثًا وفوضوية ، لا أعرف.
كل ما أعرفه أنني وحيدة الآن ، وأكتب كل ما ظننتُ أنني لن أكتبه يومًا ، وأن الجميع سيقرأ هذا ، وأنك الوحيد الذي لست هنا لتقرأ.