Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

عش السنونو

عش السنونو

مع اقتراب موعد عرس أخي الأصغر ، اشتدّت التحضيرات في بيتنا على قدم وساق وطالت كل الأمور ،

ومن بين التحضيرات أننا كنا ندهن البيت بحيث عندما وصل عامل الطلاء إلى إحدى أركان البيت وجد عشًا لزوجي سنونو ،

كانا قد بنياه منذ أربع سنوات فقرّر هدمه ، لكن أمي رفضت وقالت له : دعه وشأنه ففي كل موسم الربيع اعتادا أن يأتيا صاحباه إليه.

لكنّه غافل الكل وهدمه غير مبال بكلام أمي ، بحجة أن الطيور تجلب الأمراض الأوبئة.

حلّ الربيع وجاء زوجا السنونو وتفقدا المكان بحثا عن عشهما فلم يجدا شيئا وقد تغير جذريا وطلي باللون البنفسجي ،

ومسحت آثار حبهما العفيف عن بكرة أبيها.

لكن حدث ما لم يكن بالحسبان أتى جيش من السنونو وبدأوا يحملون الطين والوحل من حديقتنا بمناقيرهم بوتيرة سريعة جدا ،

و بني العش في ظرف قياسي جدا وأعيد لسابق عهده كأنه لم يتعرض للهدم ووضعت الأنثى بيضها على عجل ،

وفي المقابل أقمنا نحن العرس وامتلأت قلوبنا بالفرحة حتى التخمة.

لكن تخيّلوا أن يوم دخلة أخي بعروسه فقصت البيوض وسمعنا زقزقة الفراخ في العش ونحن ننثر الحلوى والمكسرات فوق رأس العروس ،

يبدو أن العرسان كانوا في تنافس شديد وشريف لدرجة أن زوجا السنونو سبقا أخي وعروسه في الإنجاب.

تعاون زوجا السنون على إعالة صغارهم حتى كبروا ودرّبوهم على الطيران رغم تربصات القطط الخبيثة بهم وبصغارهم ،

ورحلوا إلى وجهة غير معلومة ، ومنذ ذلك اليوم لم نر لهما أثرا في كل مواسم الربيع التي تلت.

إقرأ أيضا: القصة بدأت منذ ساعة ولادة هذا الطفل

لكن ما علق بذهني أن زوجي السنونو قد أخذا فكرة غير طيبة عنّا نحن البشر لأنهما لم يرجعا ولو من باب الحنين والذكرى ،

حيث طويا صفحة الخذلان إلى الأبد وما ترميم عشّهما إلا غاية ملحّة إقتضاها الضيق والظرف القاسي ،

أمّا ما استوطن قلبيهما الصغيرين كان شعورا بخيبة مريرة طعمها لا يستساغ.

إننا نحن البشر أنانيون جدا ، لا تكفينا كل أرض الله ولو رحبت ، نهدم بيتا بمساحة شبر فقط من أجل رفاهية عيوننا.

نلهث وراء السعادة ونحضّر لها مسبقا لتسعد نفوسنا ولو على حساب سعادة الآخرين ،

لا يهمنا الأمر ولا يلامس جوارحنا مادام هذا الأمر لا يعنينا.

كم نحن قاسيون لا سامحنا الله ، تغطرسنا على هذا الكوكب وقد استخلفنا الله فيه لكننا لم نتحلّ بصفات الخلفاء العادلين ،

كم نحن ظالمون لمّا لم نتّبع سبيل العدل والقسطاس والفطرة النقية ،

لم نستثمر في إنسانيتنا بل حوّلناها إلى وقف لا سبيل للتصرف فيه وجعلنا الحياة حكرا علينا تخصّنا وحدنا ،

وحرّمناها على بعضنا البعض وهي هبة من الله إلى مخلوقاته إلى أجل غير معلوم ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

يا زوج السنونو فلتغفرا لنا قساوة قلوبنا
لأنها أصبحت قلوبا عمياء لا تبصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?