عندما جاء القائد صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى مصر ، كانت له مهمة معلنة :
وهي معاونة الوزير شاور والخليفة الفاطمي العاضد أمام الصليبيين وجيوش الملك عموري الأول ، والتي جائت لمصر غازية.
ومهمة أخرى خفية : وهي إسقاط الخلافة الفاطمية وإقامة دولة أخرى تابعة للزنكيين في الشام.
ولم يتمكن من تنفيذ هذا بنجاح إلا بمعاونة ثلاثة ، قامت على اكتافهم بعد ذلك الدولة الأيوبية في مصر والشام :
القاضي الفاضل ، والفقيه ضياء الدين الهيكاري ، والوزير بهاء الدين قراقوش.
القاضي الفاضل : ولد في عسقلان جنوب الشام ، وانتقل مع وفود الأيوبيين إلى الإسكندرية ثم إلى القاهرة.
إصطفاه صلاح الدين كاتبا في دواوين الدولة ووزيرا ومستشارا لبلاغته وفصاحته ،
وقد برز القاضي الفاضل في صناعة الإنشاء ، وفاق المتقدمين ، وله فيه الغرائب مع الإكثار.
قال فيه صلاح الدين لا تظنّوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم القاضي الفاضل ،
وقال عنه العماد الأصفهانى “رَبُ القلم والبيان واللسن اللسان ، والقريحة الوقادة ، والبصيرة النقادة ، والبديهة المعجزة.
ضياء الدين الهيكاري : هو عيسى بن محمد ونسبته إلى الهيكارية من الأكراد.
وقد عمل فقيها في حلب ، واتصل بالأمير أسد الدين شيركوه.
وبعد وفاة شيركوه إتصل بصلاح الدين واعتمد عليه في الآراء والمشورات أثناء وجوده بالقاهرة ،
وكان دائما يرتدي زي الحرب ، وقد يخلطه بعمامة الفقهاء فكان أول من جمع بين المنصبين في التاريخ.
توفى بقرب عكا ، ونقل إلى القدس فدفن بظاهرها.
إقرأ أيضا: في عهد النبي جاءه رجل وجلس يبكي
بهاء الدين قراقوش : كان مملوكا لأسد الدين شيركوه ، عم صلاح الدين فأعتقه.
ولما إستقل الأخير بالديار المصرية جعل له زمام القصر ، ثم ناب عنه مدة بالديار المصرية ،
وفوّض أمورها إليه ، واعتمد في تدبير أحوالها عليه.
قال عنه العماد الأصفهاني أنه كان رجلاً مسعودا ، حسن المقاصد ، جميل النية ، وصاحب همة عالية ،
فآثاره تدل على ذلك ، فهو الذي بنى السور المحيط بالقاهرة ، ومصر وما بينهما ، وبنى قلعة الجبل ،
وبنى القناطر التي بالجيزة على طريق الأهرام ، وعمّر بالمقدس رباطا ،
وعلى باب الفتوح بظاهر القاهرة خان سبيل ، وله وقف كثير لا يعرف مصرفه.
وبالفعل فإن جملة إقامة السلطان صلاح الدين بالديار المصرية خمسة أعوام فقط بدءا من 1169م بعدها ترك الأمر لرجاله ،
وتفرغ لبناء دولته بالشام وجهاد الصليبيين إلى نهاية حياته عام 1193م.