عيب عليك يا والدي قصة مؤثرة
عيب عليك يا والدي قصة مؤثرة
كان هناك شاب يقطن في إحدى المدن ، يعيش في ضياع ، ولا يعرف الله إلا قليلا ، ولم يدخل المسجد منذ سنوات ،
ولم يسجد لله سجدة واحدة ، ويشاء الله عز وجل أن تكون توبته على يد ابنته الصغيرة!
يروى القصة فيقول : كنت أسهر حتى الفجر مع رفقاء السوء في لهو ولعب وضياع تاركا زوجتى المسكينة ،
وهي تعاني من الوحدة والضيق والألم ، ما الله به عليم.
لقد عجزت عني تلك الزوجة الصالحة الوفية ، فهي لم تدخر وسعا في نصحي وارشادي ولكن دون جدوى.
وفي إحدى الليالي ، جئت من إحدى سهراتي العابثة ، وكانت الساعة الثالثة صباحا ،
فوجدت زوجتي وابنتي الصغيرة وهما تغطان في سبات عميق ،
فاتجهت إلى الغرفة المجاورة لأكمل ما تبقى من ساعات الليل فى مشاهدة بعض الأفلام الساقطة من خلال الفيديو ،
تلك الساعات التي يتنزل فيها ربنا عز وجل ، فيقول : “هل من داع فأستجيب له؟
هل من مستغفر فأغفر له؟ وهل من سائل فأعطيه سؤاله؟
وفجأة ، فتح باب الغرفة ، فإذا هي ابنتي الصغيرة التي لم تتجاوز السابعة من عمرها ، نظرت اليّ نظرة تعجب ،
وبادرتني قائلة : عيب عليك يا والدي اتق الله (رددتها ثلاث مرات) ، ثم أغلقت الباب وذهبت.
أصابني ذهول شديد ، فأغلقت جهاز الفيديو ، وجلست حائرا ، وكلماتها لا تزال تتردد في مسامعي وتكاد تقتلني ،
فخرجت في إثرها ، فوجدتها قد عادت إلى فراشها.
أصبحت كالمجنون ، لا أدري ما الذي أصابني في ذلك الوقت وما هي إلا لحظات حتى انطلق صوت المؤذن من المسجد القريب ؛
ليمزق سكون الليل الرهيب ، مناديا لصلاة الفجر.
توضأت ، وذهبت إلى المسجد ، ولم تكن لدي رغبة شديدة في الصلاة ، وإنما الذي يشغلني ويقلق بالي كلمات ابنتي الصغيرة.
إقرأ أيضا: وجدان التي عاشت مع الغزلان الجزء الأول
وأقيمت الصلاة ، وكبر الإمام ، وقرأ ما تيسر له من القرآن ،
وما أن سجد وسجدت خلفه ووضعت جبهتي على الأرض حتى انفجرت ببكاء شديد ، لا أعلم له سببا ،
فهذه أول سجدة أسجدها لله عز وجل منذ سبع سنين.
كان ذلك البكاء فاتحة خير لي ، لقد خرج مع ذلك البكاء كل ما في قلبي من كفر ونفاق وفساد ،
وأحسست بأن الإيمان بدأ يسري بداخلي.
وبعد الصلاة جلست في المسجد قليلا ، ثم رجعت إلى بيتي ، فلم أذق طعم النوم حتى ذهبت إلى العمل ،
فلما دخلت على صاحبي استغرب حضوري مبكرا ، فقد كنت لا أحضر إلا في ساعة متأخرة بسبب السهر طوال الليل ،
ولما سألني عن السبب أخبرته بما حدث لي البارحة ، فقال : احمد الله أن سخر لك هذه البنت الصغيرة التي أيقظتك من غفلتك ،
ولم يرسل إليك ملك الموت ؛ ليقبض روحك على تلك الحالة.
ولما حان وقت صلاة الظهر كنت مرهقا ، حيث لم أنم منذ وقت طويل ، فطلبت من صاحبي أن يتسلم عملي ،
وعدت إلى بيتي لأنال قسطا من الراحة ، وأنا في شوق لرؤية ابنتي الصغيرة التي كانت سببا في هدايتي ورجوعي إلى الله.
قال : ورجعت البيت وأنا فى شوق شديد لرؤية تلك الإبنة المباركة ،
فكنت أشعر بأن أقدامي تسابق الريح ، فلما وصلت إلى البيت ، وجدت زوجتي واقفة أمام باب المنزل على غير عادتها ،
وصرخت في وجهي وقالت : أين كنت؟ قلت : كنت في العمل.
قالت اتصلنا بك كثيرا فلم نجدك فأين كنت؟
قال : كنت في المسجد الذى في مكان العمل ، فما الذي حدث ، وما الذي جعلك تقفين أمام الباب في تلك الساعة؟
إقرأ أيضا: رجل يعمل جزارا يبيع اللحم
قالت : لقد ماتت ابنتك (مات نور أضيئ به طريقك)
قال الرجل : لم أتمالك نفسي من هول الصدمة ، فانفجرت في البكاء ، ولم أتذكر إلا كلمتها :”عيب عليك يا والدي!
اتق الله ، عيب عليك يا والدي! واتق الله ، عيب عليك يا والدي! اتق الله”.
قال اتصلت على صاحبي وقلت له : لقد ماتت ابنتي التي جعلها الله سببا لخروجي من الظلمات إلى النور.
فجاء صاحبي مسرعا ودخل الرجل فغسل ابنته وكفنها وذهبوا بها إلى المسجد ، فصلوا عليها ثم ذهبوا إلى المقبرة.
فقال له صاحبه : خذ ابنتك وضعها تحت التراب.
فأخذ الرجل ابنته ودفنها وهو يقول للناس من حوله : أنا لا أدفن ابنتي ، وإنما أدفن نور أضيئ به طريقي إلى الله هذه البنت ،
جعلها الله سببا لهدايتي وأنا أسأل الله أن يجمعني بها في جنته.
فبكى الناس من حوله بكاء مريرا حتى كادت قلوبهم أن تتقطع حزنا على تلك الإبنة المباركة.
وهكذا أيها الأخوة الكرام ، لا يدري الانسان متى يأتيه ملك الموت ، فالموت لا يعرف صغيرا أو كبيرا.
قال تعالى : (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).