فاطمة بنت أسد

فاطمة بنت أسد

جميعنا يعرف السيدة فاطمة بنت رسول الله صل الله عليه وسلم وزوجة الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه ،

ولكن هناك سيدة أخرى اسمها فاطمة كان يحبها رسول الله صل الله عليه وسلم كثيرا ،

ومن شدة حبه لها سمى ابنته فاطمة على اسمها.

ولما ماتت خلع النبي صلوات ربي وسلامه عليه قميصه وكفنها به ونزل بقبرها يحفر ويوسع التراب بيده ،

وخرج وعينه تفيض من الدمع عليها.

ودعا لها بأن تُبعث وهي كاسية فهي مُكفنة بقميص نبينا صل الله عليه وسلم.

ولمَّا سوَّى عليها التراب قال بعضهم : يا رسول الله ، رأيناك صنعت شيئًا لم تصنعه بأحدٍ ،

فقال : «إِنِّي أَلْبَسْتُها قَمِيصِي لِتَلْبَس مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ ، ونزلت مَعَهَا فِي قَبْرِهَا لَيُخَفَّف عَنْهَا مِن ( ضَغْطَة الْقَبْرِ )

إنها كانت أحسن خلق الله صنيعا بي بعد أبي طالب.

فمن هي تلك المرأة التي نالت شرف تكفينها في قميص سيد البشرية وخير من دب على الارض؟

إنها السيدة فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشيَّة الهاشميَّة ،

زوجة أبو طالب عم النبي وأم الخليفة الراشد
علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

كان النبي يعيش في كنف جده عبد المطلب حتى الثامنة من عمره وتحديدًا عندما توفي جده انتقل لبيت عمه أبي طالب.

‏فاحتضن هذا البيت النبي واحتضنته إمرأة عظيمة وهي فاطمة بنت أسد فاعتبرته أحد أبنائها بل وأكثر.

وفي بعض الروايات أنها كانت تُحب النبي أكثر من أبنائها.

فعندما توفي عبد المطلب جاء أبو طالب لفاطمة وقال لها :

‏اعلمي أنّ هذا ابنُ أخي ، وهو أعزّ عِندي من نَفسي ومالي ، وإيّاكِ أن يتعرّض علَيه أحدٌ فيما يريد ، فتبسّمت من قوله وقالت له :

توصيني في وَلدي محمّد ، وإنّه أحبُّ إليّ من نفسي وأولادي؟! ففرح أبو طالب بذلك.

إقرأ أيضا: قصة ثمامة بن أثال مع الرسول صل الله عليه وسلم

‏واعتَنَت فاطمةُ بالنبي وأولَتْه رعايتها وحبّها ، وكانت تُؤثِره على أولادها في المطعم والملبس ،

لأنها كانت تقدر أنه يتيم فكانت تعطيه أشياء واهتمام حتى أكثر من أبنائها.

‏وكانت أيضًا تغسّله بالماء وتدهن شَعره وتُرجّله وتطيبه ،

وكان النبي صل الله عليه وسلم يحبّها ولا يناديها إلاّ بـ (أمّي) لأنه لم يلاقي اهتماما كهذا إلا من أمه فاطمة بنت أسد.

‏ومن شدة حبها للنبي عليه الصلاة والسلام دفعت إليه إبنها عليّ بن أبي طالب ،

ليكون في ولايته صل الله عليه وسلم بعد زواجه من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ،

فكيف رد لها النبي عليه الصلاة والسلام جزء من أفضالها؟

أن النبي عليه الصلاة والسلام سمى ابنته فاطمة على اسم هذه المرأة العظيمة التي كان يناديها بأمي ،

‏ ولما اهدي رجل للنبي ثوبا من الحرير فقال عليه الصلاة والسلام

(اجعلها خُمرًا بين الفواطم الأربعة ، فشقها أربعة أخمره ،

خمارًا لفاطمة الزهراء ابنته ، وخمارا لفاطمة بنت أسد زوجة عمه أبي طالب مربيته ،

والثالث لفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب ،
والرابع لفاطمة بنت شيبة بن عبد شمس زوج عقيل بن أبي طالب.

‏أسلمت فاطمة بنت أسد بعد وفاة زوجها أبي طالب ، ثم هاجرت مع أبنائها إلى المدينة
‏وكانت رضي الله عنها راويةً للحديث ؛

روت عن النبيِّ صل الله عليه وسلم ستَّةً وأربعين حديثًا ، فكان النبيُّ صل اللَّه عليه وسلم يزورها وينام في بيتها بعض الأحيان.

وسمعت فاطمة رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : يُبعث الناس يوم القيامة عراة ،

فقالت من فرط حيائها : وا سوأتاه!
فقال لها صل الله عليه وسلم : إني أسأل الله أن تُبعثين كاسية.

‏وقال أنس بن مالك : لما ماتت فاطمة بنت أسد دخل عليها رسول الله فجلس عند رأسها فقال :

(رحمك الله يا أمي كُنتِ أمي بعد أمي ، تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسيني وتمنعين نفسكِ طيبًا وتطعميني وتريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة).

‏وقال : «اللهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ وَلَقِّنْهَا حُجَّتَهَا وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا».

Exit mobile version