قصص منوعة

فراسة أبو جعفر المنصور

فراسة أبو جعفر المنصور

جلس الخليفة أبو جعفر المنصور في إحدى قباب بغداد ، فرأى رجلا ملهوفا يجول في الطرقات ،

فأرسل إليه من أتاه به ، فلما سأله عن حاله أخبره أنه خرج في تجارة فكسب منها مالا ،

فدفعه إلى إمرأته واستأمنها عليه ، ثم طلبه منها فيما بعد ،

فذكرت المرأة أنه سرق من البيت ولم يرى الرجل أثراً ولا علامة على ذلك ، فالجدران سليمة وما عليها أثر إقتحام للبيت أو سرقة.

فقال المنصور : منذ كم تزوجتها؟
قال : منذ سنة.

قال المنصور : بكراً أو ثيبا؟
فقال : ثيبا ، قال المنصور : أفلها ولد من غيرك؟

قال : لا ، قال المنصور : فشابة هي أم مُسنّة؟

قال: بل شابة ، (أي أنها كانت عند زوج من قبل ولا زالت شابة ، فوقع في نفس المنصور إحتمال أن تكون متعلقة برجل من قبل).

فدعا المنصور بقارورة طيب (عطر) كان يُعمل له ، حاد الرائحة غريب النوع لا يوجد له مثيل ،

فدفعها إلى الرجل وقال له : ‏تطيب من هذا الطيب فإنه يُذْهِبُ همَّك.

فلما خرج الرجل من عنده قال المنصور لأربعة من ثقاته : “ليقعد على كل باب من أبواب المدينة واحد منكم ،

فمن مر به أحد فشم منه هذا الطيب فليأتيني به.

وخرج الرجل بالطيب فدفعه إلى أمرأته وقال لها : ‏وهبه لي أمير المؤمنين ، فلما شمّته أعجبها ،

فبعثت ببعضه إلى رجل كانت تحبه ، وهو الذي دفعت إليه مال زوجها ، وقالت له : تطيّب من هذا الطيب فإن أمير المؤمنين وهبه لزوجي ،

ثم إنه مر مجتازا ببعض أبواب المدينة فشم المُوكَل بالباب رائحة الطيب منه ، فأخذه وأتى به إلى المنصور.

فقال له المنصور : ‏من أين حصلت على هذا الطيب فإن رائحته غريبة مُعجِبة؟

قال : إشتريته ، قال : من أين إشتريته؟

فتلجلج الرجل واختلط كلامه ، فدعا المنصور والي شرطته وقال له : ‏”خذ هذا الرجل إليك فإن أحضر كذا وكذا من الدنانير فخلِّه يذهب حيث شاء ، وإن امتنع فاضربه ألف سوط.

إقرأ أيضا: من يصلح الملح إذا الملح فسد!

فخرج به صاحب الشرطة وجرده ودعا بالسياط ليضربه ، فأذعن الرجل ورد الدنانير.

1 3 4 10 1 3 4 10

ثم دعا المنصور زوج المرأة وقال له : ‏لو رددتُ عليك الدنانير التي سُرقت منك ، أتحكّمني في إمرأتك؟

‏ قال : نعم ، قال المنصور : ‏فهذه دنانيرك ، وامرأتُك طالق منك ،‏ ثم أخبره بخبرها.‏ ‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?