فكنت المعجزة
فكنت المعجزة
جلست فتاة جميلة الملامح على طرف نهر جاري بعد أن خذلها من ظنته حبيبًا يومًا ،
ورحل من حياتها دون أعذار واضحة ، وتركها تصارع وحدتها وألم فراقه الغير مبرر!
تنظر السماء بعينيها ، التي وكأنها أخذت لونها وتلونت من تلك السماء ،
شاهدها شابًا كان يمشي بالقرب من حافة ذلك النهر ، خاف عليها أن تقع لو زلت قدمها فجأة ، اقترب منها على عجلة!
وقال لها على خجل : ارجوكِ ابتعدي عن حافة النهر حتى لا تغرقي بالحال ، فالمكان خطر!
لكنه تفاجىء بدموعها تكفن وجنتيها!
غرفّ قلبه وقال مستائًا: لكن من يُبكي هاتين العينين ؟
وتحاشى إطالة النظر بحسن جمالها الأخذ !
فقالت : أنا ادعو الله أن يمطر الأن ، فأنا أحب المطر
فقال لها مستغربًا : وترجين الله بمطر والدنيا نهاية صيف!
فقالت له : لن اقنط من رحمة الله ، وهو على كل شي قدير وأنه “لأمل لنا لا ينقطع النظير”
ما هي إلا دقائق بدأ مطر صيفي بالهطول ، حتى تبللا معًا فرفع نظرهُ نحوها بدهشة قد اعتلت ملامحه ، وقد اضطرب نبضه!
وقال متعجبًا : لوهلة ظننتكِ ساحرة ما!
وبعد أن هطل المطر ايقنت بسحركِ اكثر!
إقرأ أيضا: جالس مع أصدقائه إتصلت به خطيبته
لقد سحرني الأمل الذي بجوفكِ ، باليقين أن الله على كل شيء قدير أيتها البحر ؛ الذي تجمع بهاتين العينين الساحرتين!
اتعلمين : وكأنكِ بتِّ تجلسين الآن على اطراف قلبي وليس على حافة النهر المخيف ، وأخاف عليكِ لتغرقين بداخلي أكثر ،
فاتشبث بكِ كأنكِ آخر قطرة غيث تحي قلبي الصحراوي ، الذي لطالما دعى الله أن يزرع بداخلي حبًا نقيًا ،
وروح صادقة مؤمنة تشع أملاً ، يضعها الله في طريقي وتسكنني دون تكلف ، تبث الأمل بروحي لأواجه مشقة عبور هذه الحياة ،
التي تشبه عبورنا لهذا النهر الجاري برهابة شديدة ، لطالما رجوت الله بمعجزة ما ،
تجعل هذا القلب الذي ظننته حجرًا أن ينبض يومًا ما!
وها قد فعلتِها أنتِ الآن ، لقد وصلتِ لقلبي دون حتى أن تخطي ، سامحيني ولكن وكأن الله استجاب لدعائي فكنتِ المعجزة!
ارتعش قلبها من كلامه الذي حل على روحها المتعبة ، كالغيث من السماء ،فقالت مرتجفة :
بل أنا من ظننت أن قلبي بات صخرة بعده!
ابقوا على يقين أن كل شيء بيد الله ، وهو على كل شيء قدير مهما خذلتكم الحياة!
ستمطر أرواحكم أملًا وفرحًا مهما طال خريفها ، ولابد أن يرسل الله لكل روح من يشبهها يومًا ،
من يخاف عليها من الغرق حتى بداخله ، من يخاف عليها حتى من نفسه.