فلاح عجوز حمل زوجته المريضة في المقعد الخلفي
فلاح عجوز حمل زوجته المريضة في المقعد الخلفي من العربة التي يجرها حصان هزيل ، حملها إلى المدينة البعيدة لعلاجها.
وفي الطريق الطويل ، بدأ الرجل يتحدث ، يفضفض ، كأنما يناجي نفسه ، ولكنه في الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة ،
التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة ، تساعده في الحقل ، وتتحمل وحدها أعباء البيت.
الآن ، أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية ، وأن عليه الآن ، أن يعاملها بلطف ولين ، وأن يُسمعها الكلمات الطيبة ،
وقال لها إنه ظلمها ، وأن الحياة أيضا ظلمتها ، لأنه لم يجد الوقت ، في حياته اليومية ، ليقول لها كلمة طيبة حلوة وعذبة ،
أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يعطيها لحظة حنان!
وظل الرجل يتحدث بحزن وأسى ، طوال الطريق ، والكلمات تحفر لها في النفس البشرية مجرى ،
كما يحفر الماء المتساقط على الصخر خطوطا غائرة ليعوضها بالكلمات عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية ،
من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده وتتمناه في بقية عمرها.
عندما وصل المدينة ، نزل من المقعد الأمامي ليحملها من المقعد الخلفي ، بين ذراعيه لأول مرة في حياته ،
إلى الطبيب وجدها قد فارقت الحياة ، كانت جثة باردة منذ وقت طويل.
ماتت بالطريق ماتت قبل أن تسمع حديثه العذب الشجي!
وإلى هنا تتوقف قصة الألم ، التي كتبها تشيخوف ليتركنا ، نحن ، مثل الفلاح العجوز الذي كان يناجي نفسه ،
ولكن بعد فوات الأوان ، فالكلمات لم تعد مجدية الآن ، فقدت مغزاها!
الأقصوصة الصغيرة قالت وأجابت أكثر مما سنكتب ، عن الألم الإنساني في كل زمان ومكان عن أشياء كثيرة أصبحت وأمست غير مجدية.