فلنستوصي ببعضنا خيرا
فلنستوصي ببعضنا خيرا
نحن معشر الرجال أبناء نساء تعرضن لخطر الوفاة عند ولادتنا ،
وأشقاء رجال ونساء تبادلنا سويا الرضاعة والرعاية والتربية وتقاسمنا اللقمة حتى صرنا شبابا ،
ونركن إلى بعضنا في الشدائد حتى يأتي الأجل.
وأزواج يوجد في بيوتنا نساء بيننا وبينهم علاقة وصفها الله بميثاق غليظ.
ففي بيتونا أمهات الجنة تحت أقدامهن ، كما قال النبي إلزم رجلها فثم الجنة.
كانت تلك الأمهات سبب في أن نرزق بالبنين والبنات وهم زينة الحياة الدنيا.
وهن معشر النساء والبنات لهن رجال دللهن وبذلوا ما استطاعوا ليروهن شابات يافعات مسلحات بالعلم والأخلاق ومؤهلات لبناء أسر مستقرة.
وهنّ أيضا شقيقات لرجال تمتع سويا بحلاوة مراحل الطفولة والصبا ويطمحن في حمايتهن من غدر الزمان ،
وهن أمهات لرجال يسعون لنيل رضائهن.
فنحن وهن داخل الأسرة لسنا شركا ، بل كمثل الظفر واللحم متلاصقين.
وهذا التلاصق ليس معناه التماثل ، فكل منا له طبائعه وخصوصياته فالخلاف حتميا وارد ،
ولكن المهم أن نؤمن أنه مجرد خلاف يعقبه توافق على تجنب نقاط الخلاف وليس نزاعا لا بد فيه من غالب ومغلوب.
فالأسرة هي المكان الوحيد الذي يكون المكسب فيه هو سيادة الود والتراحم.
فبالنسبة للأزواج قال الله تعالى [هن لباس لكم وأنتم لباس لهن] (البقرة: 187)
وفي سورة الروم قال تعالى ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (21)
في آخر الآية قال الله (لقوم يتفكرون)
فهل تفكرنا في كلام الله ؟
وعن الأبناء قال الله تعالى في سورة الإسراء :
إقرأ أيضا: الهادي والموفق هو الله ولكن علينا بذل الجهد والأخذ بالأسباب!
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23)
فهل يعي الأبناء تلك الحقيقة؟
تلك هي طبيعة العلاقة التي من المفترض أن تسود داخل الأسر ،
دوائر متداخلة من المودة والرحمة بين جميع الأفراد أيا كان موقعهم.
فالتشدق بحقوق أحد ركائز الأسرة على حساب باقي الركائز ، والله ما جلب إلا الشقاق والتمرد والنفور.
فأوصي نفسي أولا قبل أي شخص بأن الحقوق الواجب التمسك بها هي حقوق العشرة والميثاق الغليظ ،
الذي قطعناه سويا على أنفسنا وعاهدنا الله عليه وألا ننسى الفضل بيننا عند الخلاف ، كما قال الله تعالى
“وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.(البقرة: 237)