في أحد الأحياء النائية كان هناك رجل فقير أعمى
في أحد الأحياء النائية كان هناك رجل فقير أعمى يعيش مع إبنته هي من تقوده ،
وكان دائما يذهب إلى أحد الشوارع الراقية التي يوجد بها متاجر لكبار التجار كي يعطونه ما يسد به جوعه وجوع إبنته.
وكانت إبنته جميلة جدا وقد أعجب بها وبجمالها أحد التجار الكبار لدرجة أنه يننتظرها ووالدها إلى أن يأتيا ،
وكان يبكر قبل طلوع الفجر كي لا يمرا وهو ليس موجود.
وكان كل يوم يمضي يتعلق التاجر بالبنت أكثر وأكثر لأن البنت جميلة وعفيفة.
وفي أحد الأيام مرا على هذا التاجر فتحدث مع والد البنت ،
وقال له : أنت ضرير ألا تخاف من أن تتعرض إبنتك للمعاكسة حينها لن تستطيع حمايتها.
فقال الرجل الأعمى : الله يحميني ويحميها.
فقال التاجر وبدون تردد : أنا أرغب بالزواج من إبنتك.
فَقال الأعمى : إبنتي ليست للبيع فأنا لا أستطيع المشي بدونها.
فقال التاجر : أنا أعين لك من يقوم برعايتك.
فقال : لن أجد في الدنيا مثل إبنتي تعتني بي.
وخرج من عند التاجر وكان يقول لإبنته : ألم أكن قاسيا عليك فقد رفضت أن أزوجك من هذا التاجر؟
فقالت البنت : لن أهنأ بعيش يا أبي ما لم تختاره لي.
أما التاجر فقد كان كل يوم يمضي يزداد حبه للفتاة ولكبريئها رغم حالتها الفقيرة.
ذهب التاجر إلى الأعمى وأعطاه شيكا مفتوحا وقال له اجعل إبنتك تكتب الرقم الذي تراه مناسبا لكي يكون مهرها.
فقال الأعمى : ألم أقل لك إن إبنتي ليست للزواج.
فقال التاجر : أعطيك قصرا وخدما يقومون برعايتك وأعطيك ما تشاء.
فَقال الأعمى : أنا لم أعرض إبنتي للبيع كي تدفع لي ، ثم كرر الأعمى وقال : إن مهر إبنتي غالي ولن تستطيع أن تدفعه.
إقرأ أيضا: وفاز الأعمى
فقال التاجر : قل ما هو؟ والله لو طلبت نصف ثروتي لأعطيتك.
فكرر عليه : أنا لم أعرض إبنتي للبيع وإن مهر إبنتي هو : أن تنزل معي إلى الشارع للتسول لمدة ثلاثة شهور.
فاستغرب التاجر من هذا المهر وقال : إن مركزي في المجتمع لا يسمح لي خصوصا وأن الخير كثير.
فقال الأعمى : فكر في المهر الذي طلبته منك إذا كنت فعلا راغبا بالزواج منها.
فذهب التاجر وكان يفكر في هذا المهر وكيف سيدفعه وإن لم يدفعه من هذه الفتاة الجميلة.
وبعد تفكير طويل اتخذ قراره وقال : سأدفع المهر الذي طلبته مني ولن أجعل أحدا يعرفني.
ثم ذهب إلى بيت الرجل الأعمى كي يخبره بأنه سيدفع المهر المطلوب.
فقال الأعمى : على بركة الله.
نزل التاجر مع الرجل الأعمى وابنته إلى الشارع كي يتسولوا معا وكان التاجر يرتدي ملابس قديمة وممزقة ،
ومرت الأيام وهم على هذه الحالة حتى إنتهت الثلاثة أشهر المطلوبة وفي نهاية اليوم الأخير من المدة قال التاجر للوالد : هيا لكي تعقد لي علي إبنتك.
فقال الأعمى : ألا تريد أن تعرف لماذا طلبت منك هذا المهر؟
كي لا تقول لابنتي في يوم من الأيام : أتيت بك من الشارع فإن قلتها سوف تجد إبنتي الجواب ،
حينها ستقول لك ماذا دفعت مهري أيها التاجر؟ هل دفعت لي ذهب ومجوهرات؟ طبعا لا.
إنما كان مهري هو نزولك إلى بيئتي الفقيرة كي تحظى بي فأنا أغلى من ذهبك ومالك.
العبرة :
الكرامة : ليست إمتلاك المفاخر بل استحقاقها.
الكرامة : هي الملاذ الأخير لمن جار عليه الزمن.
لا تجعل ثيابك أغلى شيء فيك حتى لا تجد نفسك يوماً أرخص ممّا ترتدي.
أفضل وأقصر طريق يكفل لك أن تعيش في هذه الدنيا موفور الكرامة هو أن يكون ما تبطنه في نفسك كالذي يظهر منك للناس.