قصص منوعة

في إحدى السنوات وفي الأيام الأول من ذي الحجة

في إحدى السنوات وفي الأيام الأول من ذي الحجة ، حين وصلنا مكة للحج ، كان يجاورني في الغرفة رجل طيب تعرفت عليه في الحافلة أثناء الطريق.

غير أننا ما إن وضعنا أمتعتنا حتى اختفى عن ناظري ، ولم أعد أراه في ليل أو نهار.

حتى قابلته قدرا في الحرم ، وقد اختلى بنفسه على سجادته في مكان منزوٍ عن الناس ،

يقضي ليله ونهاره بين صلاة وتلاوة ودعاء وبكاء.

تعانقنا وكأنا غريبان ، ثم قلت له : أين أنت يا أبا فلان؟

كل من في سكن الحجيج يسأل عنك ويبحث عنك.

فأجابني : أنا هنا حيث رأيتني ، أعكف على مصحفي وسجادتي مرتويا من زمزم إن عطشت ، ومستمتعا برؤية الكعبة إن مللت ،

أهيئ قلبي للحج ، آملا أن أعود كيوم ولدتني أمي ، فما قبل الحج لا يقل أهمية عن الحج نفسه.

تركته آسفا على نفسي ، وقد جمعتنا المناسك وفرقتنا المنازل ، فشتان بين حاله وحالي.

لا أدري لمَ تذكرت هذا الموقف ونحن على مشارف موسم رباني جليل ،

وقد رأيت بعض أهلي وإخواني وقد بدءوا ختمة شعبانية ، وشرعوا في الصيام من أول يوم فيه ،

ولسان حالهم كلسان حال صاحبي الذي كنت معه في الحج :

نهيئ قلوبنا لرمضان ، فما قبل رمضان لا يقل أهمية عن رمضان!

وكأن العبادات الكبرى لا بد لها من تهيئة قبلها حتى تعطيك أسرارها ، وتمتعك بنفسها ، وتخرج منها أروع وأنقى مما دخلتها.

لذلك كانت السُنَّة القبلية لكل صلاة ، ومواقيت الحج والعمرة المكانية ، وكذلك كان شعبان لرمضان ،

ميقات اغتسال واستعداد وتلبية!

من أحرم منه أحسن الصيام والقيام ، ومن تجاوزه قافزا إلى رمضان ، عانى قلبه حتى يستمتع.

إقرأ أيضا: محطات تربوية

كان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال :
هذا شهر القراء ، وإذا كان شعبانهم شهر القراء ، فكيف برمضانهم.

أيها المنتظرون لرمضان ، رمضان بدأ منذ أيام لو كنتم تعلمون ، وبعض أصحابكم سبق إليه ،

فإن عجزتم عن اللحاق بهم ، فلا تعجزوا عن اللحاق به.

1 3 4 10 1 3 4 10

إخواني : ابدءوا ختمتكم ، وتابعوا صيامكم وقيامكم من شعبان ،

فالقلوب لا بد لها من مرانٍ على الطاعة كالأبدان ،

والجسم المتيبس لا يصلح للسباق ، كذلك القلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?