في الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك
في الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك ، ذهبت سيدة غنية إلى محل الجزار ، وطلبت منه كمية من اللحوم ،
وقد صنفت ما تريد من لحوم مكعبة ومفرومة وكبدة إلى غير ذلك.
وأثناء ما كان الجزار يقوم بتجهيز طلبها ، دخلت المحل سيدة فقيرة وقالت له :
أريد ماسورة ، وهي عظم اللحم لكي تعمل عليها حساء.
فصعب حال هذه السيدة الفقيرة على السيدة الغنية ورق لها قلبها ،
فكتبت ورقة للجزار وقالت له فيها جهز نفس الطلبات التي طلبتها منك ، وأعطها للسيدة الفقيرة ، ولا تخبرها من سيدفع.
بدأ الجزار بالفعل ليجهز ما طلبته السيدة الغنية ، وأثناء ذلك طلبت منه السيدة الفقيرة أن يعجل بطلبها ،
وقالت له أرجوك لا تتأخر علي أكثر من ذلك إن تقطيع الماسورة لا يستغرق دقيقتين كما كنت تفعل من قبل ، لماذا تأخرت هذه المرة؟
فابتسم لها الجزار وقال لها حالا سأجهز لك طلبك ، رمضان كريم.
ردت السيدة الفقيرة بكل يقين الله أكرم.
فقال الجزار فعلا الله أكرم ، وبعد قليل أعطى الجزار السيدة الفقيرة أكياس اللحم المفروم والمكعبات والكبدة وغيرها ،
فنظرت السيدة إليه بدهشة وقالت له هذا ليس طلبي ،
فقال لها بل هذا طلبك ، ألم تقولي من دقائق أن الله أكرم ، الله فعلا أكرم.
رفضت السيدة الفقيرة أخذ الأكياس من الجزار ، وأخبرته أن هذا كثير للغاية ،
وهي لا تعلم أن السيدة الغنية هي من ستدفع ثمن اللحوم.
فأخذ الجزار يقنعها لكي تأخذ الأكياس ، ويخبرها أن هذا من عند الله الكريم ، وظل مدة يحايلها ، حتى اقتنعت السيدة الفقيرة ،
وأخذت اللحوم ، وخرجت من محل الجزار.
إقرأ أيضا: شاب بار بوالديه كان كل همه إسعاد والديه
فرحت السيدة الغنية عندما شاهدت السيدة الفقيرة تأخذ أكياس اللحوم ، وتخرج بها من المحل ،
وبعدها سألت الجزار عن حساب طلبها ، وطلب السيدة ، ففوجئت بالجزار يقول لها لا تدفعي إلا ثمن طلبك فقط ،
وسأدفع ثمن ما أخذته السيدة ، فأنا لا أقل عنك كرما.
أصرت السيدة الغنية على دفع ثمن ما أخذته السيدة الفقيرة ، وبعد جدال ونقاش اتفق على أن يقتسم ثمن ما أخذته السيدة الفقيرة مناصفة فيما بينهما.
خرجت السيدة الغنية من المحل ، وركبت سيارتها ، وأثناء سيرها في الشارع وجدت السيدة الفقيرة توزع اللحوم التي معها على الفقراء ،
بائعة خضار تعطيها كيسا وعامل نظافة قد انحنى ظهره من الإرهاق في الشمس ، أعطته كيسا وغيرهما.
أخذت السيدة الغنية تبكي داخل سيارتها من تأثرها بالمشهد الحقيقي الذي أمامها ،
وأيضا من موقف الجزار الذي أصر على دفع ثمن ما أخذته هذه السيدة الفقيرة.
نزلت السيدة الغنية من سيارتها ، وذهبت للسيدة الفقيرة ، وقالت لها لماذا توزعين اللحوم على هؤلاء الناس؟
لقد وسع الله عليك ، فلما لا توسعين على أولادك؟
ردت السيدة الفقيرة وهي تبتسم أنا بالفعل قد وسعت على أولادي ،
لقد أخذت كيلو لحم لهم ، وهذا يكفينا اليوم ، لأنه لا يوجد ثلاجة في بيتنا ولو أخذت هذه الكمية سوف تتلف ،
فقلت أعطي هؤلاء المحتاجين ، ورمضان كريم.
قالت السيدة الغنية : بتأثر شديد الله أكرم ، هذا هو شهر رمضان.
﴿ما يَفتَحِ اللَّهُ لِلنّاسِ مِن رَحمَةٍ فَلا مُمسِكَ لَها وَما يُمسِك فَلا مُرسِلَ لَهُ مِن بَعدِهِ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ﴾ [فاطر: ٢].