في بلاد الشام قديما كان هناك رجل من الصالحين
في بلاد الشام قديما كان هناك رجل من الصالحين له زوجة صعبة الطبع بخيلة سليطة اللسان وكان له منها من الأولاد ثلاثة ،
وكان يجاهد نفسه فيها بالصبر من أجل أولاده ويدعو الله لها بالهداية.
وعند إقتراب العيد كان الرجل يعمل بجد من أجل شراء خروف العيد.
فأكرمه الله واستطاع أن يدبر ثمن الخروف قبل العيد بأيام قليلة ،
فذهب إلى السوق واشترى خروف طيب الحجم كثير الفروة ،
وفرح به كثيرا وقال في نفسه : هذا الخروف سوف يسعد زوجتي وأولادي.
ولكن أثناء رجوعه من السوق ، وجد بالطريق رجل عجوز ملقى على الطريق في أنفاسه الأخيرة ،
فنظر أمامه ، وإلى الخلف فلم بجد أحد.
فكر الرجل في ماذا يفعل؟! فما كان منه إلا أن حمل الرجل إلى جذع شجره وسأله عن داره؟!
فقال له: أخر هذا الطريق.
إلتفت الرجل حوله فوجد غلام فنادى عليه فجاء إليه ، فطلب منه أن يأخذ الخروف إلى بيته ووصف له البيت ،
ثم حمل الرجل العجوز على كتفه إلى داره ،
وذهب الغلام إلى منزل الرجل الصالح ،
ولكنه لم يكن متأكدا من موقع المنزل بالضبط فأخطأ ،
وأخذ الأضحية إلى جيران الرجل الصالح وأعطاهم إياها قائلا : تفضلوا هذه الأضحية لكم.
دون أن يذكر من أين أو لمن.
كان الجيران فقراء لا يملكون المال لشراء الأضحية ، فلم يعلم صاحب الدار الفقير ماذا يقول وهو لم يملك شيء للعيد ،
فبكى من شدة الفرحة ، وتعلق نظره إلى السماء قائلا : رحماك يا رب ، ظنا منه أنها من أحد المحسنين.
فرح أولاد الرجل الفقير كثير لدرجه لفتت إنتباه زوجة الرجل الصالح سليطة اللسان ،
فنظرت من شباك المنزل وقد عقدت حواجبها ، وهي تتسائل
من أين لهم هؤلاء الفقراء بمثل هذا الخروف؟! ومن أين لهم بالمال؟! ، وقد ملئها الحقد.
عاد الرجل الصالح إلى المنزل متعب وقد توقع أن يجد أولاده فرحين بالكبش لكن كل شيء في المنزل كان هادئ.
إقرأ أيضا: الحياة جائت في صورة إختبار صعب
فخرجت عليه زوجته كالصاعقة وهي غاضبه وهي تردد :
تصدق أن هؤلاء الجيران يأتي لهم خروف كبير؟! كيف؟! ومن أين وهم يرقصون؟! ووجعوا رؤوسنا وو؟!
ولسانها لا يتوقف والزوج شارد ولا يعلم ماذا يقول بعد أن فهم الخطأ الذي وقع ، فأخذ الرجل أنفاسه في صعوبة ،
بعد أن نظرت إليه الزوجة سائلة له : أين الأضحية.
فقال لها : سوف تأتي أنا أنتظرها.
وصبر قليلا ثم خرج من المنزل كي يذهب إلى جاره الفقير الطيب وقال في نفسه أنه سوف يتفهم هذا الخطأ الذي حدث ، فدق الباب.
فخرج له جاره فعندما رآه تعلق في عنقه ودموعه تغرق وجه ،
وهو يشرح له أن الله كريم عوضه خيرا ، وأفرح أولاده وزوجته الصابرة فتبسم صديقنا وقال :
إن الله كريم وأنت تستحق كل خير أيام مباركة.
وخرج من عنده الرجل لا يعلم أين يذهب ، فقد أدركه الخجل ،
كيف يفسد فرحة أسرة جاره الفقير باسترداده للخروف منهم ، وأخيرا قرر تركه لهم إبتغاء الأجر من الله – جل في علاه – ،
دون أن يخبر جاره بالخطأ الذي حدث ، وظل يسير بالطريق إلى أن وصل إلى بيت الرجل العجوز فدق الباب كي يطمئن عليه فوجد ولده.
فقال له : كيف والدك الآن؟!
فقال ابن العجوز المريض : أنت منْ أنقذ أبي؟!
ثم أدخله ، فشكره الرجل العجوز وأقسم عليه أن يقبل هديته التي كان عبارة عن : عجل كبير.
ما عرف الرجل ماذا يقول وحاول أن يرد الرجل العجوز ولكنه أبى.
فخرج الرجل الصالح ينظر إلى السماء والدموع تغرق وجه بين الفرح وبين كرم الله عليه ،
فقد ترك الخروف لوجه الله فعوضه بعجل كبير.
سبحانك ربي ما أعظمك ما أكرمك ، فهل جزاء الإحسان غير الإحسان؟!