في تلك الليلة الباردة خرجت من المنزل
في تلك الليلة الباردة خرجت من المنزل كنت أفكر في تحسين أحوالي المادية حتى أغادر هذه البلاد التعيسة للبحث عن حياة أفضل فلم يعد هناك أي حل.
فكل الأبواب أقفلت في وجهي فقد كان عليا فعل ذلك منذ زمن ،
ولكن كانت أمي رحمها الله هي الشيء الوحيد الذي يجعلني أصبر طوال هذه المدة.
فالأن لم يعد شيء لأبقى لأجله حتى إخوتي تزوجوا فحالي كان يزداد سوءا مع مرور الأيام.
ثقلت ديوني وأنا لا أعمل وحتى إن عملت هذا لن يجدي نفعا ،
أصبحت ضعيف البنية من كثرة التفكير وقلة الأكل كما أن ذلك أثر على حالتي النفسية.
كنت جالس في المقهى وأتى صديقي عمر وجلس بجانبي ،
أموره المادية على ما يرام كنت أسأل نفسي كيف تمكن من تحسين حياته حتى أصبحت بهذه الكيفية ،
بعدما كنت أفضل منه في كل شيء تقريبا.
خجلت من نفسي قد يقول البعض أن الرجل لا يهان ولكن الرجل أهين في العديد من المناسبات ،
أليست إهانة عندما أطلب منه سيجارة؟
تراكمت الأسئلة بدون حلول فالبطالة تجعلك ذليل إنها الداء الذي لا يوجد له شفاء ،
تلك النظرات التي تصدر من عيون الناس إنه شيء سيء ،
وتجعلك كئيب أكثر فليس هناك شيء تقدمه في حياتك الجميع يتطور ولكني ما زلت في نفس المكان.
ولا أظن أني سأتحسن فمن السيء أن ترى صديق الطفولة أو زميل الدراسة يمتلك سيارة ومنزل جميل وعمل.
وأنت تجلس في المقهى طوال النهار تلعب الورق أو تبحث عن العمل بدون جدوى ،
فهذا سيجعلني أفقد صوابي فأسرق أو أصبح مجرم ،
فالمجرمون لا يولدون منذ الصغر بل مع قسوة الحياة.
إقرأ أيضا: وضع السم في رغيف الخبز لعابر سبيل
كنت في المنزل أشاهد التلفاز فتفاجأت بشخص يناديني ،
وعندما خرجت من المنزل وجدت رجل يقف لم أعرفه فقلت :
من أنت ، فكان صديقي المفضل مراد الذي كان في إيطاليا عانقته ورحبت به.
كان يتحدث عن روما وجمالها ونمط حياته هناك.
لقد أخبرني بأنه تزوج وحياته جميلة كما كان يستفسر عني فأخبرت بكل شيء ثم قال :
لدي شيء سيغير حياتك إلى الأفضل ،
فقلت أتمزح.
وقال : هذا ليس وقت المزاح بل وقت المال.
ثم أخبرني أنه أتى بكمية كبيرة من الممنوعات من إيطاليا ويريد أخذها إلى المكسيك ولكنه يبحث عن رفيق ،
فوافقت بدون تفكير وقلت ، أنا جاهز.
كانت الكمية خمسة عشر كيلو غرام يا إلهي وسأجني أربعون مليون في هذه الرحلة البسيطة ،
فهذه فرصتي بتأكيد أنا أستحق هذا المبلغ من المال.
وقد كانت التذكرة يوم الخميس فكنت أدعوا الله بأن يتمم الأمر بأفضل طريقة.
لم أنم في اليوم الموعود كنت أفكر في الأمر وتملكني الخوف ولكنني قلت في نفسي أن الغبي من سيرفض هذه الفرصة ،
ومع الساعة التاسعة صباحا جاء مراد وأتى بحقيبة وقلت له : لا يوجد شيء داخل الحقيبة.
ثم أخبرني بأنه فتحها ووضع الممنوعات بإحكام وقام بخياطة الحقيبة من جديد ،
وفعل نفس الشيء مع الحقيبة الخاص به كما أن الحقائب كانت متشابهة تماما.
إتجهنا إلى المطار ولكنني لاحظت شيء فكان مراد لا يترك حقيبته أبدا شككت بفخ في الموضوع ،
ولم أجد أي حل وعندما إقتربنا من المطار إدعيت بأن شيء ما يألمني بقوى وسقطت على الأرض ،
في هذه اللحظة علمت أنني موهوب في التمثيل ثم قلت له : إذهب هناك و اجلب هذا الدواء.
إقرأ أيضا: يحكى أن رجلا إسمه المبارك كان عبدا رقيقا لرجل غني
لم يكن هناك دواء بذلك الإسم لأنها لا توجد هناك صيدلية أصلا ثم قال ، حسنا سأذهب.
و عندما ذهب أخذت حقيبته لم تكن ثقيلة أبدا على عكس حقيبتي رغم أنه وضع فيها الكثير من الأشياء ،
حينها علمت أن شكي لم يكن مخطأ وقمت بتفريغ ملابسي في حقيبته كي لا يلاحظ ثقلها.
فأتى وقال : لا توجد أي صيدلية هناك هل أنت بخير ؟
قلت له بأن هناك تحسن لا تقلق صديقي ثم قدمت له فرصة من ذهب أعني أردت تجربته.
إن أشفق علي وأخبرني بالحقيقة فسأخبره بكل شيء ،
وإن لم يخبرني سأضعه في فم المدفع مثلما فعل هو إن نجحنا فسأجني أربعين مليون ،
وإن لم تنجح سيدفع هو ثمن خيانته ، وقلت له ودموع تنزل من عيني أنا خائف صديقي هيا لنتراجع.
لكنه رفض ذلك وأخبرني بأنه ليس خائف وأنا جبان وقال ، هيا لنذهب.
لقد كان يقف أمامي في الصف وعندما وصل إلى مركز التفتيش كان الكلب يشتم الحقيبة و يقوم بنباح ،
فقام الشرطة بأخذنا إلى غرفة التفتيش وعندما أخرجوا الكوكاين من حقيبته ،
كان يصرخ بقوة كما قاموا بتفتيش حقيبتي ولم يجدوا أي شيء.
وكان ينظر لي وكأنه يريد قتلي فلن أنسى تلك النظرات مهما بقيت على قيد الحياة.
كان يصرخ ويقول إنه هو المجرم هو من وضع الكوكاين في حقيبتي أنا مظلوم.
هناك بعض الأصدقاء لا يجب علينا أن نثق بهم لأن الصداقة لم تعد موجودة أصلا ،
فهي أصبحت من الماضي.
هناك أناس ينتظرون سقوطك حتى يستغلون الأمر لذلك صديقي لا تثق في أحدا مهما كان.