في سبعينيات القرن العشرين قامت مجموعة طلاب من جامعة النجاح في نابلس بالتفتيش عن أكبر معمر في فلسطين لإجراء مقابلة معه ،
وكتابتها على مجلة الحائط في الجامعة المذكورة.
وجدوا في الخليل رجلاً مسنا عمره 120 سنة ، ولد قبل الحرب العالمية الأولى الّتي نشبت سنة 1914 بحوالي 60 سنة ،
ولا يزال يتمتع بذاكرة قوية وبنية سليمة.
لكنه توفى في السنة نفسها تقريبا التي أجروا فيها المقابلة معه.
فسأله الطلاب : يا عم ، حدّثنا عن أغرب قصة سمعتها في حياتك الطويلة ؟
قال لهم : بل سأحدثكم عن أغرب قصّة حدثت معي في حياتي.
قال الرجل المسن : عندما كنت في الـ 70 من عمري توفيت زوجتي ، وكان قد رزقني الله منها بعشرة أولاد ذكورا وإناثا.
وكنت أملك في الخليل عددا كبيرا جدا من دونمات الأراضي وأموالا كثيرة ،
المهم ، أردت أن أتزوّج من إمرأة ثانية ( في عشرينيّات القرن العشرين ) وما أن اشتم أولادي خبر أني نويت الزواج ،
حتى إجتمعوا عليَّ ، وبدأ كل واحد منهم يعرض خدماته علي ، ويقولون لي : نحن وأزواجنا وأولادنا بخدمتك ،
نحن نطبخ لك ، نحن نغسل لك ، نحن نعتني بك!
طبعا كل هذا حتى لا تأتي إمرأة تشاركهم في ميراث أبيهم.
المهم ، منعوني بشتّى الطّرق من الزّواج ، خوفا من أن ترثني زوجتي الثانية وأولادي الجدد منها ،
فتذهب بعض الأراضي والأموال من حصتهم التي ينتظرونها بعد موتي.
وأصبح أولادي ينتظرون موتي ليرثوني في ممتلكاتي وأموالي.
ولكن المفاجأة التي سأحدثكم عنها ، أنّه منذ كان عمري 70 سنة وحتى أصبح عمري 80 سنة ، أي خلال تلك العشر سنوات ،
إقرأ أيضا: الشاعر أبو نواس عاش طوال حياته مشهورا بالمجون
أولادي العشرة أصبحوا تحت التراب ذكورا وإناثا ، ماتوا موتا طبيعياً كلهم ،
كل 12 شهر تقريبا يموت واحد ، ودفنتهم جميعهم بيدي هاتين!
وعندما أصبح عمري 80 سنة وأصبحت بدون أولاد ، تزوّجت الزّوجة الثانية ، وهي معي منذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا ،
ورزقني الله منها ستة أولاد جدد ، وما زالوا معي كلهم حتى هذه اللحظة ولله الحمد.
والله ، إنّها قصة غريبة و عجيبة ، والأغرب فيها هو طمع الإنسان الذي ينتظر موت أقرب الناس إلى قلبه ،
موت أبيه ليرثه ، وينسى كيف تعب أبيه من أجله ، ليجعل منه رجلا قويا متعلما ، لا يحتاج أحدا من الناس في حياته.
فانظر حرصهم على ميراث أبيهم ، وقد ظنوا أنهم مخلدون ، ولا يدرون أنهم سيحرمون منه ويصير إلى غيرهم.