في غزوة الأحزاب
في غزوة الأحزاب
روي أنه في ليلة شديدة البرودة عاصف ريحها تقلع الخيام اقتلاعا ، بينما الصحابة جالسون مع رسول الله صل الله عليه وسلم ،
فقال النبي : من يذهب فيأتيني بخبر القوم؟
في هذا الليل وذاك البرد؟
من يفعلها؟ يعبر الخندق ويخترق جيش الكفار! ليأتي بالخبر اليقين.
إنه لأمر صعب شديد الوعورة.
لم يرد أحد من أصحاب النبي وكان بينهم كبار الصحابة!
فقال النبي : من يذهب فيأتيني بخبر القوم وأضمن له العودة ، فما تكلم أحد.
فَقال النبي ثالث : من يذهب فيأتيني بخبر القوم وأضمن له العودة وهو رفيقي في الجنة؟
فما قام أحد.
فقال النبي : قم يا حذيفة.
يقول : “فلم أجد منها بدا”.
فقام حذيفة ، فاختار النبي صل الله عليه وسلم حذيفة بعد أن قال سابقا (فأضمن له العودة وهو رفيقي في الجنة) ،
فقد أعطاها النبي صل الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان.
فقال النبي : ولكن لا تحدث فيهم أمرا.
أي لا تغير فيهم أي شيء ودعهم كما هم.
يقول حذيفة : فخرجت وأنا أرتعد من البرد فما أن قمت وتركت المكان حتى كأني أمشي في حمام ،
(حمام: أي مكانا دافئا شديد الدفء ).
فعبرت الخندق ووصلت إلى جيش الكفار ودخلت إلى الجيش فرأيت أبا سفيان ، يقف على طرف اليهود ، فقلت أبو سفيان؟
إقرأ أيضا: قصة السيدة راحيل زوجة سيدنا يعقوب
فأخذت سهما من كنانتي وشددت السهم أريد أن أقتله فتذكرت قولة النبي : (ولا تحدث فيهم أمرا) فرددت السهم مرة أخرى ،
والظلام شديد ، فوجدت العسكر يتهامسون في برد شديد ، والقدور تنقلب – من شدة البرد وسمعت أبا سفيان ينادي على القادة :
اجتمعوا إلي ، اجتمعوا إلي.
حتى اجتمع عليه نفر ، فتسللت ودخلت بينهم فجلست بينهم.
فقال أبو سفيان : أريد أن أحدثكم حديثا عظيما ، ولكن إن عيون محمد تنتشر بيننا ،
وأخشى أن يسمعوا منا هذا الكلام ، فليتأكد كل رجل منكم من الذي بجواره”.
يقول حذيفة : فأخذت بيد الذي بجواري وقلت له : من الرجل؟
فقال : عمرو بن العاص.
ثم أخذت بيد الذي بجواري وقلت : من الرجل؟
فقال : عكرمة بن أبي جهل.
فقلت: عظيم.
وكان هذا من سرعة بديهته أن يسألهما قبل أن يسألاه.
فقال أبو سفيان : “أرى أننا ليس لنا مقام ، وأرى أن البرد شديد والرياح شديدة ، فإني مرتحل فارتحلوا”.
يقول :”فعدت مسرعا إلى رسول الله صل الله عليه وسلم وعبر الخندق ورجع ،
فما إن دخلت إلى المسجد فعاد البرد الشديد فقد انتهت المهمة.
فأتيت النبي فإذا هو قائم يصلي ، فجلست بجواره وأنا أرتعد من البرد ،
فأحس بي النبي ، فبينما هو يصلي فتح النبي عباءته وأدخلني معه في عباءته ، فلما انتهى من صلاته أخبرته الخبر فدعا لي.
الدفء الذي ملأ قلب حذيفة وروحه قبل جسده كان جندا من جند الله.