قدر
هل حقا الأسوأ لم يحدث بعد ، أم أنك وصلت لنهاية الرحلة.
ترددت تلك الجملة في ذهنه كثيرا ، وهو خارجا من عيادة طبيبه المعالج ، بعدما أخبره بحقيقة مرضه.
كان يتمنى أن لا يخبره بالحقيقة ، أو أن يطمئنه ببعض الكلمات على سبيل الرحمة ، لكنه كان صريح أكثر من اللازم ،
صريح لدرجة الوقاحة ، فهو بالنسبة للطبيب حالة من آلاف التي تمر عليه باستمرار وتعود عليها.
سار شارد الذهن لا يدري إلى أين يذهب.
أخرج هاتفه ، فكر في الإتصال بزوجته لكنه أغلق الخط سريعا.
ما الفائدة لو أخبرها ، سوف تبكي كثيرا وتحاول أن تطمئنه ، بأن هناك حل حتى لو إستدعى الأمر السفر خارج البلاد.
كم أنتي ساذجة يا عزيزتى ألم تتوقعي أنني سألت الطبيب عن ذلك الأمر.
كانت إجابته ، سكين بارد قطع أخر خيط للأمل لدي.
قالها وهو ينظر لبعض التقرير الطبية (للأسف الحالة متأخرة)، كان على وشك تهشيم رأسه ،
لكن ما الفائدة من ذلك لو كان قتل ذلك الطبيب سيشفيه من مرضه لما تردد لحظة فيما دار بذهنه.
يكره رائحة الأدوية وزيارة المستشفيات منذ الصغر ، لكنه لم يعد يمتلك ترف الإختيار ، لقد صار أمام أمر واقع ،
سيصبح واحدا من الكثيرين الذين يترددون بإنتظام على ذلك المكان الكريه لقلبه.
يفكر في ولده كيف سيواجه متاعب الحياة من بعده ، تمنى أن تمهله الحياة بعض الوقت ليرى ثمرة كفاحه التي عاش من أجلها ،
يتخرج من الجامعة ، يلتحق بوظيفة مرموقة ، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
إقرأ أيضا: وانقلب السحر على الساحر
أغرقت عيناه بالدموع ، أخرج منديلا ليمسحها ، أثناء عبوره للطريق ، فليس من اللائق أن يبكي من هو في مثل عمره أمام الناس.
سمع ذلك الصوت المميز لمكابح سيارة تحاول التوقف ، إستدار بإتجاه مصدر الصوت ، لكنها كانت أقرب مما توقع ،
فجأة شعر بجسده يطير في الهواء ويهبط لترتطم رأسه بالارض ، شعر بالدماء الدافئة تنساب من رأسه ،
كانت النهاية أقرب مما توقعها ، لكنها راقت له ، لأنه لن يكون بحاجة للذهاب للمستشفى الكريه بعد الأن.
