قصة أبو حنيفة وتلميذه المغرور
قصة أبو حنيفة وتلميذه المغرور
كان أبو حنيفة النعمان عالما دينيا وفقيها يعلم الناس العلوم الشرعية من الفقه والحديث وغيرهما ،
وكان يحضر مجلسه العديد من الناس الذين تتلمذوا على يديه ، وكان أبو يوسف واحدًا من أبرز تلاميذه ،
غير أنه أصيب بداء الغرور بعد علة مرضية ألمت به.
وحينما شُفي وعلم رأي معلمه أبي حنيفة فيه ؛ عقد مجلسًا لنفسه واغتر بحاله فأراد أبو حنيفة أن يلقنه درسًا أخلاقيًا مهمًا.
من هو أبو يوسف : اسمه هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ، وقد اشتهر بلقبه “أبي يوسف” ،
نشأ في أسرة فقيرة ولم يكن والده قادرا على تحمل تكاليف تعليمه ، فكفله أبو حنيفة وكان يهبه الدراهم مائة بعد مائة من أجل أن يتعلم ،
وكان يأخذه في مجلسه ؛ حتى تعلم منه الحديث ثم تولى من بعده القضاء ،
وقد قام هارون الرشيد بمنحه لقب “قاضي القضاة” ، ووافاته المنية في عهد هارون الرشيد.
قصة المعلم مع تلميذه
أصيب أبو يوسف بوعكة صحية شديدة ، فكان أبو حنيفة يعوده كثيرًا للاطمئنان عليه ،
وحينما ذهب إليه لأخر مرة وجد أن المرض قد تمكن منه فقال : “إنا لله إنا إليه راجعون” ثم أكمل قائلًا :
” لقد كنت أؤمه بعدي للمسلمين ولئن أصيب الناس به ليموتن علم كثير ” ،
ولكن أراد الله أن يشفى أبا يوسف من علته ، وحينما علم برأي أبي حنيفة فيه أصابته علة الغرور ،
وعقد لنفسه مجلسًا خاصًا ليعلم الناس الفقه ، وحينما علم أبو حنيفة ما فعله تلميذه ؛ أراد يعلمه درسًا لا ينساه.
اختبار أبو حنيفة لتلميذه
أراد أبو حنيفة أن يلقن أبا يوسف درسا كي يستعيد رشده ولا يغتر بعلمه ؛
فقام بدعوة أحد الرجال وطلب منه أن يذهب إلى مجلس أبي يوسف ويسأله قائلًا :
إقرأ أيضا: أرادت الزوجة أن ينام أطفالها الأربعة مبكرا
“ما رأيك في رجل ذهب إلى قصار ( وهو الرجل الذي يصبغ الملابس ) فأعطاه ثوبًا كي يصبغه مقابل درهم ،
وحينما ذهب إليه بعد أيام ليطلب الثوب ؛ أنكر الرجل أنه أخذ منه الثوب ،
فرجع إليه صاحب الثوب مرة أخرى فوجد ثوبه مصبوغًا ؛ فهل يحق للرجل أن يأخذ أجرة صبغة الثوب؟
فإن أجابك أبو يوسف بأنه يأخذ أجرته فأخبره أنه مخطئ ،
وإن كانت إجابته بأنه لا يحق له أن يأخذ الأجرة فأخبره أنه مخطئ أيضًا.
الدرس العظيم
حينما ذهب الرجل وسأل أبا يوسف المسألة التي أخبره بها أبو حنيفة ؛ فأجابه أبو يوسف : له أجره ، فقال الرجل : أخطأت ،
ففكر أبو يوسف ساعة ثم عاد ليجيبه : لا أجر له ، فقال الرجل : أخطأت.
فذهب أبو يوسف إلى أبي حنيفة الذي استقبله قائلًا : ما جاء بك إلا مسألة القصار ، فأجابه : أجل.
حينها قال أبو حنيفة : سبحان الله ، من قعد يفتي الناس وعقد مجلسا يتكلم في دين الله لا يحسن أن يجيب في مسألة الإجازات ،
فقال أبو يوسف : علمني ، فأجابه أبو حنيفة : إن صبغة القصار بعدما غصبه فلا أجر له لأنه صبغه لنفسه ،
إن كان صبغه قبل أن يغصبه فله أجره لأنه صبغه لصاحبه ،
ثم استطرد أبو حنيفة حديثه إلى تلميذه ليعلمه الدرس العظيم قائلًا :
“من ظن أن يستغني عن التعلم ؛ فليبك على نفسه”.