قصة أرمنية والأصالة السورية
قصة أرمنية والأصالة السورية
أيام الحرب العالمية الأولى ، كان قائم مقام منبج جالساً في مزرعته عندما أخبره معاونه أن مجموعة من الأطفال الأرمن ،
على ما يبدو ، وُجدوا قرب المزرعة ، فطلب منه إحضارهم إليه.
خمسة عشر طفلا ، صبياناً وبنات بين سن الثالثة وسن العاشرة تقدموا نحوه بوجل ،
وأخبروه بأنهم ضاعوا عن أهلهم أثناء الهروب من تركيا ولاقوا بعضهم وتجمعوا أثناء المسير عبر البراري.
أحسن القائم مقام شافع أبو ريشة (والد السفير الشاعر عمر أبو ريشة) وفادتهم وكان أكثرهم لا يعرف اسم عائلته وبعضهم لا يعرف حتى إسمه الأول.
ثم أخذهم إلى مطرانية الأرمن في حلب حيث تم تعميدهم واعتماد أسماء لهم
( ڤاهي وآغوب وڤارتان وآربينة ..) وتعهد القائم مقام بتربيتهم وتعليمهم.
عام ١٩٧٠ كنت مقيماً في منزل قريبي الأستاذ عمر أبو ريشة في بيروت خلال دراستي وكنت وحدي وأهل البيت مسافرون ،
فقرع جرس الباب ، فتحت الباب وإذا بجمهرة من النساء والرجال والأطفال يحملون مآكل وحلويات مختلفة ،
ويطلبون تحية عمر بك ابن شافع بك.
عندها أخبرتهم بأنه مسافر ، فطلبوا الإذن بالدخول وقصوا علي هذه القصة.
كنا جياعاً فأكرمنا وحافظ على ديننا وأسكننا في مزرعته الواسعة وعلمنا ،
ثم دربنا على المهن التي رغبنا بها فأصبح منا الطبيب والنجار وصانع الأحذية والخياط والجوهرجي.
وقد التقى بعضنا منذ فترة وقررنا زيارة ابنه عمر بك للقيام بواجبات الشكر لأفضال والده شافع أبو ريشة ،
رحبت بهم وأمضوا باقي اليوم في المنزل.
تعلمت منهم أن الخير موجود فينا وأن هذا البدوي السوري المتعلم المسلم كان قادراً على إنقاذ مستقبل ١٥ عائلة أرمنية ،
وكان لهم الأب والرفيق والمعيل في بداية حياتهم.