قصة الأستاذ خالد الجزء الرابع
وقف عباس يتفرج على صديقه الأستاذ خالد وهو مستغربا بعدما أخبره أنه قد توصل إلى معرفة من وضع له السحر في صورته ودفنها في المقبرة.
فسأله قائلا : ومن يكون هذا الشخص؟
أشار خالد بأصبعه إلى عاملة النظافة سميرة التي خرجت منذ قليل وهي مسرعة وقال :
يساورني الشك أن هذه الفتاة عاملة النظافة هي من فعلت ذلك بالتآمر مع المدير ، فما هو قولك؟
ضحك عباس بلهجة ساخرة وقال : سميرة لا لا يا صديقي ، مستحيل أن تفعل هي ذلك ،
أنسيت أنها فتاة أمية لا تعرف القراءة ولا الكتابة.
ثم من أين لسميرة أن تعرف اسم أمك وأبيك ، فالساحر حتى يربط السحر لابد له ا
أن يكون على الأقل يعرف إسمك الكامل ،
وتاريخ ميلادك واسم أمك ، أضف إلى ذلك أن صورتك قد أخذت من صفحتك.
أما سميرة هذه فهي فتاة بائسة لا تعرف هذه الأمور ولا علاقة لها بها ،
فحاول ألا تشغل عقلك بهذه الأمور يا صديقي وركز في عملك ، إلا ما يأتي يوم وينكشف الفاعل.
ثم سأله خالد قائلا : والمدير ألن يفعل هو ذلك؟
لا أعتقد ، ومع ذلك يبقى الشك قائما ، صحيح هو شخصية ماكرة وتحب أن تصطاد في الماء العكر ،
إلا أنه يخشى على سمعته إذا إنكشف أمره ولن يورط نفسه في هذه الأمور.
أدخل خالد يداه في جيب بنطاله ووقف بشكل مستقيم وراح يتأمل صديقه عباس في إعجاب وهو مبتسم ثم قال :
أتعرف يا أستاذ عباس أنت صديق حقيقي في هذه الحياة ، وأنا سعيد جدا جدا بمعرفتك.
حتى أنني هجرت كل أصدقائي السابقين ، وبقيت أنت وحدك صديقا لي وأنا أثق بك بشكل تام.
إقرأ أيضا: مبارك عليك ما رزقك الله أتمنى أن يكون خير ولد لك
بل وأنك لست مجرد صديق عادي فحسب ، فأنت أخ غالي فلولاك لما عرفت كيف أتصرف ،
وأنا فعلا ممتن لك على وقفتك معي طوال هذه الفترة.
فقال عباس وهو سعيد بهذا الكلام وقد أحس بالخجل بعد سماعه :
لا تقل شيء يا صديقي فهذا واجبي إتجاهك فنحن عشرة عمر ومن أيام الجامعة إن كنت تذكر ،
صحيح أنك كنت متوفق علينا في الدفعة ولكن في الاخير ها أنت تعمل معي في نفس الثانوية ،
فلا تتصور مدى فرحتي حينما علمت أنك قد انتقلت إلينا ، فعلى الأقل ستبقى إلى جانبي دائما وأنا أعتبرك صديقي المفضل.
ثم نظر عباس إلى ساعته وقال : واو لقد وصلت الساعة إلى الثامنة وربع ونحن نتبادل أطراف الحديث هنا ،
ونسينا أننا عندنا حصص في إنتظارنا ، دعنا نذهب إلى أقسامنا قبل أن يعرف المدير بتأخرنا.
فأجابه خالد قائلا : أنا حصتي تبدأ على الساعة العاشرة وليس الأن ، يمكنك أن تذهب فأنا عندي مشوار آخر سأذهب إليه وأعود.
فسأله أستاذ عباس قائلا إلى أين تود أن تذهب؟
فقال خالد على الفور : إلى مديرية التربية أريد أم أقابل موظف هناك اتصل بي ليلة البارحة وأخبرني أنه ينتظر لقائي ،
ولا أدري ماذا يريد مني ربما يكون مدير الثانوية قد قدم بي شكوى جديدة.
فقال عباس في سخط متذمراً : توقع كل شيء يا صديقي فهذا الإنسان منذ أن أمسك إدارة هذه الثانوية ،
لم نرى منه أي خير ، على العموم أنا سأذهب وسنتقابل لاحقا مع السلامة.
وما أن تقدم عباس بخطوتين حتى نادى عليه صديقه خالد قائلا :
أستاذ عباس أنا أعزمك هذه الليلة على العشاء عندي إذا سمحت فأرجوا أن تلبي دعوتي فأنا في حاجة إليك يا صديقي.
إقرأ أيضا: فتاه تبلغ من العمر 23 عاما كانت تراسل هاتف والدها
عند الساعة التاسعة مساءا ، جاء إلى منزل صديقه خالد بدعوة منه إلى العشاء ، فوجده واقفا عند الباب ينتظره.
فسلم عليه وقال : أهلا بك أستاذ عباس ، مواعيدك ثالبتة دائما.
ضحك عباس وقال تعلما الإنضباط واحترام الوقت بفضل مدير الثانوية ،
فأنت تعلم أن هذه الخصلة الوحيدة التي أخذناها منه.
أدخل خالد صديقه عباس إلى الصالة حيث كانت المائدة تنتظرهم ، فجلس خالد على طرفها وجلس عباس في الطرف المقابل له.
بدأ خالد يأكل بصمت بدون أن يتكلم وعباس منتبه إلى ذلك ، وكأنه أحس أنه يخفي شيئا.
فسأله عباس قائلا : بماذا أخبرك الموظف الذي كان يريد لقائك اليوم في المديرية؟
توقف خالد عن الأكل ووضع الملعقة جانبا ، وأمسك منديل ورقي ومسح به فمه ثم قال :
في الحقيقة أنا من كان يريد لقائه وليس هو ، وأنا من إتصل به حتى أتحقق من أمر مهم ، وفعلا طلع شكي في محله.
توقف عباس عن الأكل وتغيرت ملامحه بعدما أحسن أن نبرة صووت خالد قد تغيرت ،
حتى إبتسامته الهادئة لم تعد موجودة ، فسأله : بماذا أخبرك؟
أخبرني يا صديقي أنك أنت من كان وراء نقلي من الثانوية إلى تلك الدائرة.
نعم صحيح أنا فعلت ذلك ، فكنت أريدك أن تكون إلى جانبي كي تخرج من جو الوحدة والإنطواء ،
فأنا كنت أريد أن أخبرك ، ولكن الظروف لم تسمح لي.
أرجع خالد بظهره إلى الخلف وقال : لا ليس هذا هو السبب فأنا عرفت كل شيء يا صديقي.
إنكمش وجه عباس وجحظت عيناه وقال بصوت متلعثم : ماذا عرفت؟
قال لقد عرفت أنك أنت من كان يتعامل مع ذاك الساحر ، قفد كنت بالنسبة له التاجر الذي يسوق بضاعته ، وأنت من سلمته صوري.
فقد كانت سميرة عاملة النظافة هي إبنة ذلك الساحر وهي الوسيطة التي تتواصل بينكم.
وكانت تضع لك الرسائل في خزانتك ، ولأن سميرة مصابة بعمى الألوان ، لم تكن تفرق بين الدفاتر الزرقاء التي تخصني والدفاتر الحمراء التي تخصك ،
فسقطت ذات يوم دفاتري من الخزانة فاعتقدت أنها لك ، ووضعت بداخلها رسالة ظنا منها أنها دفاترك.