قصص منوعة

قصة الثلاث بنات وجرة العسل الجزء الأول

قصة الثلاث بنات وجرة العسل الجزء الأول

يحكى عن إمراة فقيرة توفي زوجها وترك لها ثلاثة بنات صغيرات وذلك الرجل لم يترك لها شيئا لتطعم وتربي أطفالها ،

ولولا كرم جاراتها وأه الزقاق لماتت وإياهم من الجوع.

وحتى الدار التي يسكنونها خربة يكاد سقفه يسقط عليهم ، والنوافذ مهشمة يدخل منها الهواء البارد في الشتاء والحر في الصيف.

وبعد سنين كبرت أولئك البنات وأصبحن صبايا في سن الزواج ، لكن أمهن فقيرة ليس لها ما تعطيهن إياه من ملابس جديدة ،

ولا مال لكي تزينهن لكي يحضرن الأعراس مثل بنات الزقاق وتراهن الخاطبات والنسوة.

ولم تكن البنات يخرجن إلا قليلا مع أمهن ويخفين وجوههن ، لذلك لم ينتبه إليهن أحد وتأخر مكتوبهن.

أحد الأيام دق الباب وسمعت الأم صوتا يصيح ، هل يمكنكم تقديم معروف لرجل غريب ،

فنهضت ونظرت من شق الباب فرأت شيخا أبيض الشعر واللحية ، ففتحت له الباب وقالت ما هي حاجتك ،

ألم تجد سوى بابي لتطرق عليه.

أجابها لقد رفض الجيران مساعدتي وأنا رجل أعيش وحدي وقررت الذهاب لجبل بعيد لأجمع الأعشاب الطبية ،

هل يمكن أن أترك عندك أمانة فإني أخاف عليها من الفئران ، ولما أرجع سأدفع لك صرة كبيرة من الدراهم.

فرحت كثيرا وسألته كم من الوقت ستغيب أيها الشيخ ، أجابها ثلاثة أشهر ثم وضع قفته على الأرض ،

وأخرج منها جرة من الفخار وقال أوصيك بأن لا تفتحيها وإلا ستندمين ،

والآن سأذهب وها هي عشرون درهما تسبقة وانفقي منها على نفسك وبناتك ،

ولما أرجع سأمنحك أضعافها فلا تنسي وصيتي إليك هل فهمت.

انصرف الشيخ وأخذت المرأة تنظر إليه ولم تتذكر أنها رأته في الحي ،

ثم قالت في نفسها وماذا يهمني من أمره المهم أنه يدفع وبسخاء ،

ثم أنزلت الجرة إلى الدهليز وأخذت البنات للسوق واشترت لهم الملابس والشامية والزبدة ،

وأخذت لنفسها قرطاس شاي أحمر ورطل سكر.

1 3 4 10 1 3 4 10

إقرأ أيضا: بينما كان مدير مصنع الورق الشهير منهمكا في الأحاديث والضحكات

ولما رجعت إلى الدار طبخت عصيدة بالزبدة العربي تحلق بناتها حولها وأكلن وأعجبهن ذلك كثيرا.

وفي الصباح أعدت لهن خبز الطابونة بالشامية وكل يوم صارت تشتري لهن شيئا حتى نفذت الدراهم ،

وقالت لبناتها إياكن من الإقتراب من الجرة ولما يرجع الشيخ سيعطينا مالا كثيرا ،

وسنصلح الدار ونأكل حتى نشبع.

وربما يضع عندنا أشياء أخرى فتتحسن حالنا وأجهزكن للعرس ، لهذا السبب يجب أن نثبت له أننا محل ثقة ،

ولا نلمس حاجيات غيرنا مهما كان شأنها ، فأجبنها حاضر يا أمي نعدك بذلك.

أحد الأيام خرجت الأم ونزلت البنات للعب في الدهليز وفجأة قالت الكبرى ما رأيكم نفتح الجرة ونشاهد ما فيها ولن يعلم أحد بذلك!

قالت لها الوسطى نعم ولكن لن نلمس شيئا وإلا عاقبتنا أمنا ،

صاحت الصغرى أنصحكما بأن لا تفعلا ذلك فأمنا وعدت الشيخ فضربنها وقالا لها إذن إبتعدي عنا.

خجرت إلى غرفتها وهي تبكي أما الأختان فرفعتا الغطاء وأشعلتا شمعة ثم نظرتا ، فصاحت الكبرى بفرح إنه عسل!

ثم أدخلت إصبعها ومصته وفعلت الأخرى مثلها وصارتا تنزلان كل يوم وتأكلان من العسل ،

وهددتا أختهما الصغيرة بالعقاب الشديد إن أخبرت أمها.

لاحظت المرأة أن بنتاها الكبيرتين تقومان في الليل ولما تسألهما عما تفعلانه في هذا الوقت تجيبان لا نشعر بالنوم يا أمي!

وبمرور الأيام زاد جمالهما حتى ظهر الدم في عروقهما من شدة البياض ،

فاحتارت الأم وأتت لهما بمشعوذة عجوز فلما رأتهما تعجبت من حسنهما البديع ،

وقالت للمرأة إن بناتك ينتظران أحدا لكن خطوط الرمل لا تخبرني بشيء عنه.

هزت المرأة رأسها وأجابتها لا أحد يأتينا ونحن لا نعرف أحدا حتى الجيران لا يدخلون داري !

أحد الليالي سمعت طرقا على الباب ولما فتحته وجدت الشيخ واقفا أمامها فسلم عليها وقال لها الأمانة يا إمرأة!

إقرأ أيضا: حكاية ردينة الجزء الأول

فنزلت إلى الدهليز ورأت الجرة مقلوبة وهي فارغة فلطمت وجهها وصاحت ضاع المال وكل ما بنيته من أحلام ،

ماذا سأقول للشيخ الآن يا ليتني رفضت أخذ الجرة ما الذي دهاني لأقبل ذلك.

لما سمع الشيخ ذلك غضب من المرأة غضبا شديدا وقال لها ما في الجرة هو دواء أوصتني به أحد النساء ،

والله يعلم كم عانيت لصنعه والآن ستدفعين الثمن خمسة آلاف دينار.

فزعت الأم وقالت حتى ولو بعنا كل شيء فلن نجمع حتى ربع هذا المبلغ ، سامحني يا سيدي وسأكون خادمتك!

وبينما هما كذلك جاءت البنت الكبرى وقالت لقد أكلت العسل مع أخواتي من شدة الجوع فعاقبنا إن كان ذلك يخفف من غضبك ،

ولما شاهدها الشيخ وقف مندهشا فلم يرى إمرأة بهذا الجمال فقال في نفسه لم أكن أتصور أن السحر الذي صنعته هو رائع لهذا الحد.

ثم قال للمرأة حسنا لن أطالبك بشيء لكن على شرط أن أحمل معي ابنتك إلى قصري وستساعني في صناعة الأدوية.

لم تجد الأم بدا من القبول خصوصا بعد أن وعدها بالإهتمام بنفقتها ولباسها.

لكن بعد شهرين رجع إلى الدار وحين خرجت له المرأة سألته عن سبب مجيئه ،

فأجابها لقد عصت تلك البنت اللئيمة أوامري فحابستها ولا بد أن تنال جزائها ، والآن سآخذ الوسطى!

صاحت المرأة واستعطفته لكنه أصر على أخذها معه وإلا تدبرت أمرها لإرجاع ماله ، فوافقت على مضض ،

وبعد أن ذهب الشيخ قالت الأم لابنتها حليمة أختك خديجة أيضا لا تسمع الكلام وأخشى أن يغضب منها ويأتي لأخذك معه ،

لهذا أفكر أن نبيع الدار ونرحل من هنا!

قالت البنت معنى ذلك أني لن أرى أختاي إلى الأبد ، إنها فكرة سېئة يا أمي ولو أتى فسأذهب معه وأعرف ما جرى لهما.

بعد ثلاثة شهور صح ما توقعته المرأة أتى الشيخ إليها وقال سآخذ البنت الثالثة ،

ولما رأى أن جمالها عادي ولم تصبح مثل أختيها سألها ألم تأكلي من جرة العسل أليس كذلك.

إقرأ أيضا: كرامة عجيبة حصلت لإمرأة في وسط البحر

أجابته نعم يا خال ولقد حذرتهما لكن لم تسمعا الكلام ، قال الشيخ للأم لقد أحسنت تربية هذه البنت ،

وسأرد لك الأخرتين لما أنتهي من عقابهما ثم رمى لها صرة نقود ، لكن الأم أجابته لا أريد مالك ،

على الأقل دعني أراها من حين لآخر.

صاح الشيخ يكفيك الإثنان واحمدي الله أنهما سترجعان إليك هذا كل ما عندي.

إقتربت حليمة وقالت لها لا تقلقي يا أمي سأجد وسيلة للتخلص من هذا الرجل وأعود إليك مع أختاي ، هذا وعد مني.

مسحت الأم دموعها عن عينيها فهي تعرف ذكاء إبنتها ثم حضنتها إلى صدرها وذاق الشيخ ذرعا بالبنت ،

فسحبها من يدها بالقوة وقال أمامي أشياء كثيرة لأفعلها هذا المساء هيا لا تعطليني.

وصلا إلى قصر في طرف المدينة وكان يبدو قديما جدا. فأعطاها ملابس جديدة وقال لها بعد أن تأخذي حماما وتصلحي من شأنك ،

تعالي وسأعلمك شغلك.

وجلس الشيخ أمام طاولة مليئة بالقوارير والحشائش ، لما جاءت نظر إليها وأعجبته هيئتها ،

فقال لها لقد تقدمت في السن وأحتاج لمن يساعدني في عملي ،

أجابته سأقوم بكل ما تأمرني به ، لكن الأول أريد أن أرى أخواتي.

أجابها أعدك بذلك لكن ليس الآن ، بقيت بجانبه تسمع ما يقول بانتباه ،

بعد ساعتين قال لها سأذهب قبل أن تغرب الشمس وأوصيك أن تذهبي إلى المطبخ وستجدين لحما تطبخينه ،

وتعدين خبز الشعير بعد ذلك تأخذين نصيبك وتتركين طبقين من الطعام وجرة من نبيذ العسل على الطاولة في الليل ،

ستأتي صاحبة القصر وتأخذ كل ذلك فلا تحاولي النظر إليها أو معرفة أين تذهب ، هل فهمت.

لما تنهين كل شيء تذهبين إلى غرفتك ولا تخرجين إلا في الصباح ، وستندمين لو درت في القصر وفتحت الأبواب ، لا تنسين ما وصيتك به ، وإلا كان مصيرك كأخواتك.

لما إنصرف الشيخ ذهبت حليمة للمطبخ ولما دخلت تعجبت من الخيرات الموجودة هناك ،

فلقد كانت هناك جرار فخارية مليئة بالكسكسي (أكلة شعبية في تونس) ،

إقرأ أيضا: قصة الثلاث بنات وجرة العسل الجزء الثاني

والزيت والزبدة والجبن بأنواعه فبدأت تذوق من كل شيء وتمنت لو كانت أمها معها.

ثم قطعت اللحم وطبخته بالخضار ، ولما نضج أخذت صينية وضعت فيها صحنين من الطعام ومعهما الخبز ونبيذ العسل ،

أما هي فلم تأكل لأنها شبعت من الجبن ، ثم دخلت غرفتها وأخذت قطعة قماش وبدأت تطرزها وهي تغني.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?