قصة الثلاث بنات وجرة العسل الجزء الثالث

قصة الثلاث بنات وجرة العسل الجزء الثالث

أما حليمة فغافلتها وحين نظرت إلى ما يوجد داخل غرفتها كادت تسقط من هول المفاجأة ،

فقد رأت أختيها جامدتين في ركن وقد أصبحتا عجوزتين شعرهما أشيب ،

أما الغولة فصار نصف وجهها جميلا أما الآخر فلا يزال قبيحا.

سمعت الغولة صوت حليمة ورائها فالتفتت ورأتها واقفة أمام غرفتها ،

فقالت تبا لك اليوم ألحقك بأخواتك ، ثم هجمت عليها لكن حليمة ألقت عليها القط الذي كان بين يديها وغرز مخالبه في عيينها.

فأخذت الغولة تدور وتصيح حتى إقتربت من أحد النوافد فدفعتها حليمة فوقعت في الحديقة وتحطمت عظامها ،

ثم جرت لأختيها وفكت وثاقهما وبدأت تبكي لما حل بهما ،

وبينما هي كذلك رأت ضبابا يصعد ويدخل في فم الأختين وبدأت تدب فيهما الحياة رويدا رويدا ،

وأعطتهما طعاما وشرابا فتحسنت حالتهما وعاد شبابهما.

بعد قليل جاء الساحر فوجد النار تشتعل في الأثاث وباب الغولة مفتوحا وكذك الأبواب الستة ،

فتعجب وعرف أن العنكبوت حارس الكنز قد غادر مكمنه فتسلل داخل المتاهة وبفضل السحر وجد التاج المرصع بالألماس ،

فأخذه ولما خرج رأى البنات الثلاثة يحاولن مغادرة القصر فصاح سيكون هذا القصر قبركن ،

وبدأ يتمتم بكلمات ليغلق عليهن البوابة لكن في هذه اللحظة ظهر العنكبوت ورائه وطرحه أرضا.

قالت حليمة لأختيها خذا التاج واخرجا وسألحق بكما ونزلت إلى الدهليز وأخرجت الولد ،

وقالت له أسرع إن القصر يحترق ولو كنا محظوظين سنخرج قبل أن يتحول كل شيء إلى رماد.

تحامل الولد على نفسه رغم تعبه الشديد وفي الأخير كانا في الخارج.

أسرع الجميع بالإبتعاد عن القصر وفرح الفتى لما رأى القط وقال للأخوات إنه مرجان صديقي ،

وقد إتبع خطاي لما خطفتني الغولة.

إبتسمت حليمة وقالت لم أرى في حياتي قطا أشجع منه وسألها عن ما تفعله في القصر.

إقرأ أيضا: كان هناك شاب يدعى أحمد تخرج من كلية الهندسة

أخبرته بحكايتها فتعجب منها ثم أخبرها أنه الأمير نور الدين ولد السلطان همام ،

وقد إحتالت عليه الغولة وحبسته في الدهليز لأنها عشقته لما رأته من النافذة مارا في الغابة ،

ولما قبضت عليه نفر منها فطلبت من ذلك الساحر أن يجعلها أكثر جمالا ليحبها ،

لكنه فضل الموت على ذلك وهذا ما زاد غضبها وامتنع عن الأكل والشرب ،

ولو تأخرت أياما أخرى عن إنقاذه من سجنه لمات جوعا.

وفي الطريق وجدوا عربة مليئة بالحطب حملتهم لوسط المدينة ولا تتصورون فرحة الأم لما رأت بناتها الثلاثة بخير ،

أما الأمير فذهب إلى قصر أبيه السلطان وبعد أن إسترد عافيته طلب منه خطبة حليمة إلا أن همام إحتج بأنها ليست من بنات الملوك ،

لكنه لما علم أن بحوزتها تاج ملك الأغوال الذي لا يوجد مثله في البلدان ،

وافق على زواجها من نور الدين وأعطاها كثيرا من المال مقابل التاج.

ففرحت وأتت بالبنائين فأصلحت دارهم وأثثتها وفتحت لأمها دكانا لبيع الأقمشة ،

وكانت تبيع فيه مع بناتها بسرعة إمتلأ بالزبائن وتحسنت أحوال المرأة بعد الفقر الذي عانت منه.

وبعد أيام تزوجت حليمة وأقام السلطان همام عرسا عظيما لهما وحضر الضيوف من الممالك المجاورة ومعهم الهدايا ،

ودامت الإحتفالات سبعة أيام وسبع ليالي واعتقدت البنت أن الحياة قد إبتسمت لها لكنها كانت خاطئة.

في تلك الأثناء تمكن الساحر في قصر الغولة من قتل العنكبوت بفضل قوة سحره ،

ثم دخل حجرة الكنز وأخذ السيوف الذهبية والصولجان وصندوق الجواهر وركب زربية وتمتم فطارت به بسرعة ،

وخرج من أحد النوافذ ونظر وراءه للقصر الذي احترق فقال لي الآن صولجان ملك الأغوال وذخائره ،

ولم يبق سوى التاج فإن تمكنت من الحصول عليه سأجمع ما بقي من الأغوال التي تفرقت.

بعد قتل السلطان همام لملكهم وحينئذ أصير الملك الجديد وسينتقمون من مملكة همام الذي هزمهم ،

ولم يكن الدخول إلى القصر صعبا على الساحر.

إقرأ أيضا: قصة طريفة لزوجة تغار على زوجها

وفي الليل تحول إلى بومة تسلل من أحد النوافذ المفتوحة ثم دار بين الغرف حتى وجد الخزانة وراء حائط مليئ بالزخارف ،

فأخذ التاج يخرج دون أن يتفطن له أحد ثم ذهب إلى الغابة السوداء وهي مكان موحش لا تدخله الشمس ،

ولبس التاج وأمسك الصولجان وبعد قليل ظهرت أشباح بدأت تتحرك نحوه حتى صارت جمعا عظيما ،

فخطب فيهم وقال إن أطعتموني سنهاجم مملكة البشر وهم نيام وكل ما لديهم من طعام ومواشي هو لكم ،

أما أنا فسآخذ أموالهم وأسبي نسائهم ولي حساب سأصفيه مع حليمة وأختيها والويل لهن مني.

وعند الفجر وصلت الأغوال في صمت إلى المدينة ودخلوا وسطها وبدأوا ېحرقون البيوت ويخطفون السكان ،

وتفاجأ عسكر الملك أمام هذه المخلوقات البشعة التي تعد بالمئات والتي لا تنفع أسلحتهم في دفعها.

حل الفجر وقد زادت الفوضى بالمدينة وصعد السلطان همام والأمير ومعهم حليمة إلى سطح القصر فرأوا أن الأغوال لا زالت تتدفق في الأزقة ، وورائهم الساحر.

صاحت حليمة تبا لقد سرق التاج ومعه أيضا الصولجان الذي رأيته في حجرة الكنز لذلك فالأغوال تطيعه.

قال الأمير لأبيه لا بد من مواجهتهم فلقد إنتصرت عليهم يا أبي قبل سنوات طويلة.

تنهد السلطان وقال لم يعد جيشي قويا كما كان في الماضي والمملكة تعاني من الفقر والجفاف ،

والحل الوحيد أن نهرب قبل أن يصلوا إلينا.

قالت حليمة عندي فكرة سنخطف التاج والصولجان من الساحر وبدون ملك يقودهم سيضعف أمر الأغوال.

أجاب الأمير هذا مستحيل فكيف سنصل إلى الساحر هل فكرت في ذلك؟

أجابت حليمة لا شيء يصعب على القط مرجان.

ھمس الأمير بشيء للقط في أذنه فدار في القصر ونادى قطا آخر أسود اللون ثم جريا على أسطح المنازل حتى أصبحا فوق الساحر ،

فنزل القط الأسود وسط الظلام وعضه بشدة من ساقه فسقط الصولجان منه فأخذه القط وهرب به أما مرجان ،

فقفز على رأس الساحر وتدحرج التاج على الأرض فجره بين أسنانه واختفى به في الأزقة.

إقرأ أيضا: الغيرة القاتلة

وصاح الساحر في الأغوال لتقبض عليه لكنها لم تعد تصغي إليه وصلت القطط إلى الأمير الذي وضع التاج على رأسه ،

وأمسك الصولجان فتجمعت الأغوال تحت القصر وقالوا له أمر مولاي!

فطلب منهم أن يقبضوا على الساحر ويعلقوه من رجليه في شجرة حتى تأتي الغربان وتأكله ،

ثم ذهب إلى داره وأخذ ما فيها من السيوف الذهبية والجواهر التي سرقها من الغولة ثم أشعل النار في أوراقه وأمتعته ووكل ما وجده هناك من التمائم وأدوات السحر ،

لكن لم ينتبه إلى طفلة كانت تنظر إليه بحقد وشراسة من وراء أحد الشقوق.

في النهاية طلب من الأغوال أن تحفر الآبار ثم ترجع حيث كانت في الغابة السوداء ولا تخرج من هناك أبدا.

وجاء الفلاحون فحرثوا الأرض الجافة وأقاموا السواقي فتدفقت فيها المياه ،

وبعد شهر تحولت تلك الأرض إلى مروج خضراء وأخذ السلطان همام التاج والصولجان فأذابهما لكي لا يستعملهما أحد بعده ،

ثم بنى بالذهب والجواهر مسجدا كبيرا ومستشفى وتصدق على الفقراء وبدأت حالة المملكة تتحسن وأتاها التجار من بعيد لشراء القمح بأغلى الأثمان ،

وابتهج همام بحليمة ورغم كل ما أنفقه على المملكة فما بقي معه من الكنز كان كبيرا واقتسمه مع حليمة.

وبعد أن كانت تلك البنت فقيرة لا تشبع من الطعام أصبحت من الأغنياء لكنها لم تعد تحب العسل ،

فقد كان يذكرها دائما بذلك الساحر ومضى عليها وقت طويل قبل أن تنسى ما حصل لها من أشياء مخيفة وهي لا تزال صغيرة.

وأمر السلطان أن يهدم قصر الغولة وتقام مكانه حديقة كبيرة مليئة بالأشجار والطيور يرتاح فيها الناس ،

وعاش الزوجان في سعادة ورزقا الكثير من الأبناء وكان الأولاد يجتمعون مع أمهم في كل سهرة لكي يسمعوا بشغف حكاية الغولة التي تخرج في الليل لرؤية حبيبها المحبوس في الدهليز.

لكن القصة لم تنته فالساحر لما مات ترك إبنة علمها السحر ولما كبرت بدأت تجمع قطع الذهب والجواهر التي كانت على التاج والصولجان ،

وعندما تتم ذلك ستستعمل السحر لتعيد صياغتهما كما كانا من قبل ،

وحينئذ سيكون إنتقامها رهيبا من الأمير وحليمة ومن كل مملكة السلطان همام.

Exit mobile version