Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

قصة الشاب المجادل لنبيه

قصة الشاب المجادل لنبيه

يقول الحق سبحانه وتعالى : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) صدق الله العظيم.

فبعد أن تحدثت الآيات عن النموذج الإيماني الأعلى في الإنسان ، في شخص أبي الأنبياء إبراهيم ،

وجعلت من أعظم مناقبه أن الله أمر خاتم رسله باتباعه ، أخذت في بيان الملامح العامة لمنهج الدعوة إلى الله.

أمر الله للدعوة والإرشاد بالحكمة : قوله : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ ) الحق تبارك وتعالى لا يوجه هذا الأمر بالدعوة

إلى رسوله صل الله عليه وسلم ، إلا وهو يعلم أنه سينفذ ما أمر به ، وسيقوم بأمر الدعوة ،

ويتحمل مسؤليتها ، (ادْعُ ) : بمعنى دل الناس وأرشدهم.

(سَبِيلِ رَبِّكَ ) السبيل هو الطريق والمنهج ، والحكمة : وضع الشيء في موضعه المناسب ، ولكن لماذا تحتاج الدعوة إلى الله حكمة؟

لأنك لا تدعو إلى منهج الله إلا من انحراف عن هذا المنهج ، ومن انحرف عن منهج الله تجده ألِف المعصية وتعود عليها ،

فلابد لك أن ترفق به لتخرجه ، عما ألف وتقيمه على المنهج الصحيح ،

فالشدة والعنف في دعوة مثل هذا تنفره ، لأنك تجمع عليه شدتين : شدة الدعوة والعنف فيها ، وشدة تركه لما أحب وما ألف من أساليب الحياة.

فإذا ما سلكت معه مسلك اللين والرفق ، وأحسنت عرض الدعوة عليه ، طاوعك في أن يترك ما كان عليه من مخالفة المنهج الإلهي.

ومعلوم أن النصح في عمومه ثقيل النفس ، وخاصة في أمور الدين ، فإياك أن تشعر من تنصحه أنك أعلم منه أو أفضل منه ،

إياك أن تواجه بما فيه من النقص ، أو تحرجه أمام الآخرين ، لأن كل هذه تصرفات من الداعية لا تأتي إلا نتيجة عكسية ،

فهذه الطريقة تثير حفيظته ، وربما دعته إلى المكابرة والعناد.

إقرأ أيضا: قصة أبو حنيفة وتلميذه المغرور

قصة الحسن والحسين مع الإرشاد بالحكمة :

وهذه الطريقة في الدعوة هي المرادة من قوله تعالى : (بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ) صدق الله العظيم ،

ويروى في هذا المقام ، مقام الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، قصة دارت بين الحسن والحسين رضي الله عنهما ،

هذه القصة تجسيد صادق لما ينبغي أن يكون عليه الداعية.

فيروى أنهما رأيا رجلاً لا يحسن الوضوء ، وأرادا أن يعلماه الوضوء الصحيح دون أن يجرحا مشاعره ،

فما كان منهما إلا أنهما افتعلا خصومة بينهما ، كل منهما للآخر : أنت لا تحسن أن تتوضأ ،

ثم تحاكما إلى هذا الرجل أن يرى كلا منهما يتوضأ ، ثم يحكم أيهما أفضل من الآخر وتوضأ كل منهما فأحسن الوضوء ،

بعدها جاء الحكم من الرجل يقول : كل منكما أحسن ، وأنا الذي ما أحسنت ، إنه الوعظ في أعلى صوره ، والقدوة في أحكم ما تكون.

الشاب المجادل لنبيه :

مثال آخر للدعوة يضربه لنا الرسول صل الله عليه وسلم ، حينما أتاه شاب في فورة شبابه ، يشتكي عدم صبره عن رغبة الجنس ،

وهي من أشرس الغرائز في الإنسان ، جاء شاب وقال للرسول : (يا رسول الله ائذن لي في الزنا).

هكذا تجرأ الشاب ولم يخف علته ، هكذا لجأ إلى الطبيب ليطلب الدواء صراحة ،

ومعرفة العلة أول خطوات الشفاء ، فماذا قال رسول الله؟

ما كان من الرسول إلا أن أخذه ، وربتّ على كتفه ، ثم قال : أتحبه لأمك؟ قال : لا يا رسول الله ، جعلت فداك ،

قًال : فكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم.

قال : أتحبه لأختك؟ أجابه الشاب : لا يا رسول الله جعلت فداك ، فقال رسول الله : فكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم.

إقرأ أيضا: عيب عليك يا والدي قصة مؤثرة

وهكذا حتى ذكر العمة والخالة والزوجة ، ثم وضع رسول الله صل الله عليه وسلم يده الشريفة على صدر الشاب ودعا له :

( اللهم نق صدره ، وحصن فرجه ).

فقام الشاب وأبغض ما يكون إليه أن يزني ، وهو يقول : فوالله ما همت نفسي بشيء من هذا ، إلا ذكرت أمي وأختي وزوجتي.

التلطف واللين في الموعظة :

فلنتأمل هذا التلطف في بيان الحكم الصحيح ، فمعالجة الداءات في المجتمع تحتاج إلى فقه ولباقه ، ولين وحسن تصرف ،

إننا نرى حتى الكفرة حينما يصنعون دواء مرًا يغلفونه بغلافة رقيقة حلوة المذاق ليستسيغه المريض ،

ويسهل عليه تناوله ، وما أشبه علاج الأبدان بعلاج القلوب في هذه المسألة.

ويقول أهل الخبرة في الدعوة إلى الله : النصح ثقيل فلا ترسله جبلاً ، ولا تجعله جدلاً ،

والحقائق مرة فاستعيروا لها خفية البيان.

وكان صل الله عليه وسلم إذا سمع عن شيء لا يرضيه من ذنب أو فاحشة ، في مجتمع الإيمان بالمدينة ،

كان يصعد منبره الشريف ، ويقول : ما بال أقوام قالوا كذا وكذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?