Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

قصة العابد جريج

من الناس من يتعبد لله عز وجل ، وينسى عمله وأهله في غمرة عبادته ، ويظن أن العبادة ما هي إلا صلاة ودعاء ،

وجريج رجل زهد الدنيا ، فزهدته ، وتعبد لله وحده ، ولم يبغي سواه ، فقربه الله منه ، وجعل في قلبه الصلاح والتقوى ؛

حتى ضربت به الأمثال والأساطير في قومه.

وهو رجل من الزمن الماضي اشتغل بعبادة الله عز وجل ، وبنى بالقرب من بيته صومعة للتعبد والصلاة ،

وكان كل يوم يتعبد فيها من الصباح للمساء.

لم يكن جريج متزوجًا ، وليس له في الدنيا سوى أمه ، وكان وحيدها.

وفي يوم من الأيام أرادت منه أمه حاجة يلبيها لها ، فكان يصلي حينها ؛ فحار في أمره ،

هل يرد على نداء أمه؟ أم يكمل صلاته؟ ، ولكنه اختار صلاته ، وظن أن هذا أعلى مراتب العبادة.

وفي اليوم التالي عادت أمه تناديه : يا جريج ، يا جريج ، فلم يجب ، كان يصلي أيضا ، وفضل صلاته على أمه ،

رغم أنه كان من الممكن أن يقطعها إن كانت نافلة ، أو يخففها إن كانت فرض ، ولكن العابد الزاهد لم يفعل ، فغضبت أمه وانفطر قلبها.

فعادت أمه إليه في اليوم الثالث وهي تنادي : يا جريج ، يا جريج ، ولكنه لم يلبي نداءها ، لم يلتفت ، ظل على حاله يصلي ،

فغضبت الأم أشد الغضب ، ودعت عليه وقالت : اللهم لا تمته قبل أن ينظر في وجوه المومسات ،

وكانت هذه من أشد الدعوات حينها.

ظل جريج يتعبد في صومعته ، ويزداد في عبادته ، ويزهد الدنيا ، ولا يرغب في شيء من رغدها ، والكل يحكي عن صلاحه ،

ويتغنى بتقواه ، إلى أن جاءت إمرأة غانية زين لها الشيطان أمراً ، فقالت لهم ماذا تفعلون لي إن فتنت جريج؟

تعجب الناس جريج يفتن! وقالوا لها : لا والله لن يكون هذا أبدًا ، جريج الصالح ، العابد يفتن ، لن تستطيعين ،

ولكن المرأة بمكرها وجمالها ذهبت إلى صومعته تعرض عليه نفسها ، فردها العابد الصالح ، فذهبت إليه مرة ثانية وثالثة ،

وجريج على عهده مع الله ، أعرض عنها ، وطردها ، فظلت تحوم حول صومعته ،

إقرأ أيضا: قصة أصحاب الفيل

وهناك رأت راعي كان يمر كلما أتت جريج ، فتكلمت معه ، وراودته عن نفسه ، فوقع بها.

بعد عدة أشهر حملت المرأة ، ووضعت غلامًا ، فسألها الناس عن أبيه : فقالت إنه جريج الذي تتغنون به وبصلاحه ، هو من فعل بي هذا.

فجن الناس ، جريج يفعل هذا! أكان يضحك علينا ، ويدعي التقوى والورع ، وأخذوا فؤوسهم غاضبين ، وذهبوا لجريج يرغبون في هدم الصومعة عليه ،

فخرج جريج ، وهو لا يعرف شيئًا ، وقال لهم : ما بالكم أيها الناس؟ لماذا تفعلون هذا؟

فتجمعوا حوله ، وأخذوا يضربونه ، ويقولون له لقد وقعت بتلك المرأة ، وهي أخبرتنا بجرمك ، وكنا نظنك متعبدًا لله عز وجل ،

زاهدًا في الدنيا وما فيها ، لقد خدعتنا وزنيت بها ، والله لنعدمنك جزاءً لما فعلت ، وجريج يدافع عن نفسه ، ويقسم لكن دون جدوى.

قيده الناس ومروا به في الشوارع ، حتى أتوا أمام بيت تقطنه المومسات ، وكانوا قد تجمهروا في الشرفات لرؤية الخطب العظيم قتل جريج ،

فلما مر جريج من أمام المنزل ، رفع وجهه ونظر في وجوهم ، وكانت هذه هي دعوة أمه ، فضحك جريج.

وقف العامة حول جريج قبل إعدامه وسألوه ماذا تطلب ، قال اتركوني أصلي ركعتين لله ، فصلى ودعا الله في صلاته ،

والله لا يضيع من دعاه ؛ فقد كان جريج صالحًا طيلة حياته ، فقبل الله دعواه.

انتهى جريج من صلاته ، وقال لهم أحضروا الغلام الذي تقولون أنه ابني ، فأحضروه ، فطعنه جريج بإصبعه في صدره أي نغزه بإصبعه وقال له يا غلام من أبوك؟

فحدثت المعجزة ونطق الغلام ، أنطقه الله عز وجل بالحق وأنقذ جريج.

وكان الراعي مختبئا وسط الناس ؛ ليشهد ما يحدث لجريج ، فأشار الطفل إليه بإصبعه وقال هذا أبي ،

ولما أراد أن يهرب ، أمسكه الناس وحل مكان العابد التقي ، وعلموا أن المرأة كانت تكذب ،

فمن زنى بها لم يكن العابد الصالح أبدًا ، إنما ذلك الراعي.

ولما سئل الناس جريج عن سر ضحكه أمام بيت المومسات قال : كانت هذه دعوة أمي الغاضبة ،

وأدرك جريج أن رضا الأم وطاعتها عبادة من أهم العبادات ، فأعطى الله حقه ، وأعطى أمه حقها ،

وقد صدق رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات حين قال : أن الجنة تحت أقدام الأمهات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?