قصة الغجرية العذراء الجزء الأخير
بكت هبة كثيرا فيما أخذ الزعيم يجرها من شعرها ليعيدها إلى المخيم ، وهنا برز لهم فارس شاب حالما ،
شاهدته هبة حتى استنجدت به ليخلصها وقالت : هؤلاء اختطفوني وأنا في طريق عودتي لبيتي وقتلوا مرافقين معي.
ترجل الشاب من على صهوة جواده وشهر سيفه وطلب من الغجر تحرير الفتاة ،
فضحك الزعيم وقال وإلا ماذا ستقاتلنا نحن الأربعة
قال الشاب : نعم ، أنا جندي في جيش حاكم البلاد وأنتم مقپوض عليكم بتهمة القتل والاختطاف.
قال أحد الغجر : دعه لي يا زعيم.
ثم ھجم على الشاب فأطاح به الجندي بحركة واحدة فانذهل الباقون ،
وھجم عليه اثنان دفعة واحدة فطاحنهما الشاب بحسامه حتى أسقطهما مضرجين بدمائهما.
وبقي الزعيم لوحده فارتجفت ساقيه من الخۏف فترك هبة وانطلق هاربا يركض ويتعثر حتى غاب عن الأنظار.
قال الشاب : سأعود إليه لاحقا ، أما الأن فيجب أن أعيدك يا سيدتي إلى بيتك.
اعجبت هبة جدا بفروسية وأخلاق هذا الفارس النبيل الذي أركبها على فرسها وسارا معا باتجاه البيت.
وفي الطريق أخبرته هبة باسمها واسم أبيها وما جرى معها ، فوقف الشاب فجأة ينظر إلى هبة بتعجب وقال :
أنتي هبة اذن ، لقد تغيرتي حقا.
استغربت هبة وقالت : من أين تعرفني أيها الفارس الشجاع.
إنه أنا يا هبة ، إبراهيم ابن نهال.
صدمت هبة لهذه المفاجأة وتمنت أن تكون مفاجأة سارة وأن تستمر كذلك للجميع ،
ثم أخبرها إبراهيم بأن أبيها حزن جدا لاختفائها الغامض ، لكنه بخير الأن ، وأن نهال مازالت زوجته.
فتمنت هبة في قرارة نفسها أن تكون نهال قد تغيرت كليا نحو الأفضل.
وصل الإثنان إلى البيت فتقدم إبراهيم أولا ليهيئ الأمور وأخبر أبيها بعودة ابنته فلم يصدق بادئ الأمر ،
حتى أطلت هبة في الدار حيث كانت متحمسة جدا للقائه.
إقرأ أيضا: الطفل والإصبع الذهبي الجزء الأول
وما إن رأته حتى ألقت نفسها بين قدميه ، فعانقها الأب وغابا عن الدنيا مندمجان في عالم اللقاء بين دموع وآهات ،
وهنا أخرج الأب دمية صغيرة وقال ، لقد أحضرت لك دميتك ذات الشعر الذهبي والعينان الخضراوان التي طلبتها.
ثم واصل الأب كلامه وقد اغرقت دموعه خديه ، احتفظت لك بها لأني أعلم أنك ستعودين يوما ما.
ضمت هبة أبيها إلى صدرها وقالت : لن أدعك تغيب عني بعد الأن.
وهنا دخلت نهال وهي تحمل صينية عليها أقداح وحالما شاهدت هبة حتى سقطت الصينية من بين يديها وتكسرت الأقداح ،
وشعرت بالامتعاض الشديد فانقبض صدرها ، لكنها أظهرت بشاشة مصطنعة وقامت بالترحيب بهبة.
بعد ذلك انفردت هبة بنهال وأنبئتها أنها لم تخبر أحدا بما حصل بينهما ، وأنها مستعدة لأن تغفر لها شريطة أن تحسن سريرتها.
فوعدتها نهال بذلك وأقسمت لها أنها ستفتح صفحة جديدة.
بعد ثلاث سنوات طويلة على نهال التي لم تستطع أن تنسى كرهها لهبة بسبب خبث سريرتها ،
فبقيت تشحن صدرها غيظا وحقدا عليها خلال تلك السنوات حتى حان يوم زفافها ،
فنفد صبرها وقررت التخلص من هبة قبل أن يبلغ العريسان ليلة الدخلة.
ففي تلك الليلة جرت العادة أن يقدم للعريسين كأسي عصير فقامت نهال بتسميم الكأس الذي سيقدم لهبة ،
وعندما جلس العريسان ليشربا أمسك كل منهما بكأسه لكن المفاجأة حدثت عندما وضع العريسان كأسه الخاص في فم الآخر وسقاه العصير.
فصړخت نهال التي كانت ترقب الوضع وهي ترى العريس يسقط أرضا يتلوى من الألم.
فنظرت إلى هبة وكأنها تحملها مسؤولية ما حدث فأمسكت سکينا وهجمت عليها ، وهي تزعق ،
لكن أبو هبة اعترض طريقها فتلقى منها طعنة في صدره فتراجعت نهال وهي ترى الحضور قد أحاطوا بها للقبض عليها.
إقرأ أيضا: يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الأول
فركضت هاربة ولم تتوقف حتى بلغت منحدرا صخريا وقد لحق بها الشباب والرجال فهددت بإلقاء نفسها إن هم اقتربوا.
وهنا أطلق عليها أحدهم سهما سريعا مربوط بحبل فاخترق فخذها فرمت نهال بنفسها من المنحدر لتنتحر ،
لكن الرجال سحبوها وقبضوا عليها فوجدوها قد جنت كليا وهي تصرخ قائلة ، سأقتلك يا هبة ، سأقتلك يا هبة.
أما هبة فقد قامت بعمل استثنائي ، إذ شمرت عن ساعديها وأحضرت مواد من المطبخ واستخدمت خبرتها التي استقتها من الحكيمة كغجرية ،
وصنعت مضاد للسم وسقته لحبيبها.
ثم التفتت إلى أبيها وصنعت عجينة خاصة وضعتها على الجرح فانقطع النزيف والتأم الجرح فارتاح الرجلان هذه الليلة.
وفي الأيام التالية شفيا تماما مما ألم بهما فتم استئناف الزواج وعادت البهجة من جديد في ربوع المنزل العتيق.