قصة الفطرة الروسية
واحدة من أروع قصص الكاتب الروسي الكسي تولستوي القصة تحكي عن شاب روسي إسمه يجور دريوموف يعمل ملازم بالجيش يشترك في الحرب ضد الألمان.
کان إنسان بسيط وهادئ وكان شجاع ذو بطولات وكان يسكن في إحدى القرى الفلاحية.
وفي يوم من الأيام أثناء المعركة أصيبت دبابته بقذيفة فاشتعلت النيران بالدبابة وقتل إثنان من أفراد الطاقم ،
ونجا الملازم یجور من الموت بأعجوبة إلا أن وجهه إحترق بشدة حتى لاح عظمه ورقد في المشفى ثمانية شهور ،
أجروا له خلالها عملية تجميل تلو عملية وأعادوا له أنفه وشفتيه وجفنيه.
وعندما رفعوا عنه الأربطة بعد ثمانية أشهر تطلع إلى وجهه الذي لم يعد الأن وجهه فقد تشوه كثيراً ،
لدرجة أنه لا يكاد يعرفه من يراه.
أما الممرضة التي أعطته المرآة فقد إستدارت وأجهشت بالبكاء فأعاد المرآة لها وقال :
أحيانا يحدث ما هو أسوء بهذا الوجه يمكنني أن أعيش.
بعدها إعتبر الشاب يجور غير صالح للخدمة الميدانية وحصل على إجازة لمدة عشرين يوم ،
فيقرر السفر لزيارة أمه وأباه لكنه كان خائفاً أن يشاهدوه بهذا الوجه المشوه فيحزنان ويتأثران عليه ،
خصوصا أنه كان قد وقع في حب كاتيا بنت الجيران وكان من المقرر أن يتزوجا في أقرب فرصة ،
ولكنه في الطريق يقرر أن لا يفصح عن نفسه وأن يقول لهم أنه صديق ولدهم وقد جاء لينقل أخباره وسلامه لهم.
يصل يجور إلى البيت فيطرق الباب فتخرج له أنه فترتعد وتتخوف لما تشاهد عليه من آثار التشويه ولم تتعرف عليه فتبادره السؤال :
ماذا تريد يا ولدي ؟ فيجيبها أنه يحمل لهم سلام ومرسال من إبنهم يجور وأنه مرسل من قبله ،
لم تسع الأرض الأم من فرحها لأنها عرفت أن ولدها لا زال حيا ترحب به وتدخله البيت وجاء أبوه فسلم عليه ولم يعرفه هو أيضا.
إقرأ أيضا: الياقوت الأبيض
أرسلت الأم إلى حبيبة ولدها من يخبرها بأن هنالك من يحمل أخبار عن إبنها ،
فجائت مسرعة ولما وقع بصرها ع وجهه المشوه إرتعبت وخافت ولم تعرفه هي أيضا !
مکث يجور لليلة واحدة عند أهله دون أن يتعرفوا عليه وفي الصباح قرر الرحيل فطلبت منه الأم أن يوصل رسالتها التي كتبتها إلى ولدها ،
يجور أخذ الرسالة وخرج وعند وصولة إلى مقره في الجيش فتح الرسالة ليقرء ماذا كتبت أمه فإذا بها قد كتبت :
مرحبا يا ولدي العزيز أنني أخاف حتى أن أكتب لك ولا أدري كيف أفكر لقد جاءنا رسول منك شخص طيب جدا لكن وجهه قبيح ومشوه وعليه آثار حروق ،
وأراد أن يمكث أيام عندنا لكنه رحل فجأة!
ومن يومها يا ولدي لا أنام الليل ويخيل لي أنت الذي زرتنا والدك يوبخني على هذه الأفكار ويقول :
لقد مسك الجنون أیتها العجوز لو كان هذا ولدنا لكشف لنا عن نفسه ما الذي يدعوه إلى التخفي ؟
فأصدق كلام والدك ولكن قلب الأم يصر على رأيه حتى إني حينما أخذت معطفه كي أنظفه ضممته إلى صدري وبكيت ،
أكتب لي يا ولدي بحق المسيح خبرني بالحقيقة أم تراني فعلا أصابني الجنون !
فيضم رسالتها إلى صدره ويبكي بحرارة فيأخذ الورقة والقلم ويكتب لها في نفس اليوم رسالة طويلة يعترف لها ويعتذر منها لعدم إخبارها الحقيقة ،
فإنه لم يكن ينوي إيذاء قلبها ، ومشاعرها.
لتأتي إليه بعد أیام هي وحبيبته إلى مكان عمله فيرتمي عليها باكياً ويطلب منها العفو عنه ،
فتبكي هي وتقبل وجهه المشوه وتقول له : لقد قررنا أنا وكاتيا أن نعيش معك إلى الأبد.