قصة القاضي ابن هبيرة من أعظم قصص تاريخنا الإسلامي
قصة القاضي ابن هبيرة من أعظم قصص تاريخنا الإسلامي
رجل من البادية نزل بغداد للعلم والتجارة ، واستأجر غرفة ليسكن فيها ،
بعد صلاة الفجر يخرج للعمل ، وبعد صلاة الظهر يذهب إلى دروس العلم والمعرفة.
كان هذا الشاب يقسم أجر عمله إلى ثلاثة أقسام :
ثلث لأبيه ، وثلث لصاحب الغرفة ، وثلث لنفقته.
مرت عليه ثلاثة أشهر لا يستطيع أن يدفع إيجار سكنه ، فقال له صاحب الغرفة :
أمامك ثلاثة أيام لدفع الإيجار وإلا سجنتك لأني ما بنيت هذا البيت وقفا للفقراء.
خرج يبحث عن عمل في اليوم الأول فلم يجد ، ذهب إلى ديوان الخراج يسألهم عن عمل فلم يجد ،
إلى أن جاء اليوم الثالث يوم سجنه ، فخرج من بيته حاملا الدنيا فوق رأسه ، يقول :
أخذت في المشي إلى أن وجدت نفسي في أطراف بغداد ، فوجدت بيتا متهالكا فقلت :
أستريح ، ووضعت يدي على الباب فإذا الباب مفتوح ،
وإذ بشيخ مسن مضطجع على سرير ، فنادى علي وقال لي :
إسمع يا بني : والله ما ساقك إلي إلا الله ، وأنا الساعة أموت ، وأشتهي عنبا ،
فقلت له : أبشر ، ووالله لتأكلن اليوم عنبا.
إقرأ أيضا: الزلزال دروس وعبر
فانطلقت إلى السوق وذهبت إلى بائع يبيع العنب وسألته : بكم هذا العنب؟
فقال: بدرهم ، فقلت له : خذ ثوبي هذا رهنا عندك إلى أن آتيك بالمال.
وأخذت العنب وأنا أجري به حتى ألحق الرجل قبل موته ، وقدمت إليه العنب ، مع أني في حاجةٍ إليه أكثر منه.
وبعد أن أكل العنب قال لي : إسمع يا بني : هذا الركن في هذه الغرفة أحفر تحته وستجد شيئا.
أخذت في الحفر إلى أن وجدت جرة مليئة بالمال والذهب ، وقدمتها له ، فسكبها في ملابسي ثم قال لي :
هي لك ، لكن لهذا المال قصة يا بني.
كنت أنا وأخي تاجرين كبيرين نذهب للهند والسند ، ونتاجر في الحرير والصوف ، وكنا نخاف من اللصوص وقطاع الطرق.
وفي يوم من الأيام نزلنا منزلا فقلت لأخي : هذا المنزل يرتاده قطاع الطرق ، وأنا أخشى على مالي ومالك ،
أعطني مالك كي أخفيه مع مالي في مكان آمن ، ثم أرجع إليك ، فإن أصبحنا وسلمنا أخذنا مالنا ومشينا.
يقول : وما كِدت أدخل في النوم مع أخي إلا وجاء اللصوص وقتلوا من قتلوا ، ونهبوا ما نهبوا ،
وما أفقت إلا من حر الشمس في اليوم التالي.
وأخذت أبحث عن أخي فلم أجده لا بين الأحياء ولا بين الأموات ،
فدخلت بغداد وبنيت هذا البيت ، وأخفيت هذا المال الذي هو مال أخي منذ عشرين عاما ،
فإن مت فهو حلال لك ، ثم نطق الرجل بالشهادتين ومات.