قصة الملك العملاق
في زمن ما كان هناك ملك طيب للغاية يثق بكل الناس ثقة عمياء ويحسن الظن بهم بشكل مبالغ فيه وكان محبوبا لدى شعبه جدا ولدى أغلب حاشيته ،
لكن طيبته الزائدة وثقته المبالغ فيها اتجاه من حوله أوقعته في شباك الخائنين والطامعين بمركز السلطة والجاه والملك.
فكان أن أوهمه أحد وزرائه الذي كان موضع ثقته الكبيرة وبئر أسراره بأن ابنته التي تعيش في مملكة بعيدة مريضة جدا ،
وأن عليه السفر بسرعة لزيارتها قبل فوات الأوان.
اضطرب الملك وقرر السفر فور سماعه الخبر المحزن.
بعد سفر الملك قام الوزير الخائن الذي دبر المکيدة بفتح الخزينة التي يحفظ بها الملك ختمه الخاص الذي يوقع به كل القرارات المهمة ،
ووضعه كإمضاء على عقود مزورة تمنحه التوكيل المطلق وتولى أمور المملكة في حال غياب الملك ،
وكذلك تولى منصبه في حالة وفاته.
ثم قام بتنفيد خطته الشريرة الثانية وهي القبض على الملك ووضعه بالسجن من قبل الجنود ،
الذين قام بإغرائهم بالمال والمناصب العليا بعد أن يصبح ملكا.
ولكن لحسن الحظ أن هناك من يحبونه بصدق ، فقاموا بإخباره بما ينتظره وهربوا به بعيدا في زورق صغير ،
لكن الرياح عصفت بالزورق وألقت بكل واحد منهم على شاطئ معين وكان من نصيب الملك الطيب أن ألقي به في شاطئ خال بجزيرة غريبة مليئة بالكثير من النحل والعسل.
وبدأ يبحث عن أصدقائه وعن مأوى يقيه من البرد ، وبينما هو يتمشى بين الأشجار والأحجار ،
وجد مجموعة من الأقزام تحت شجرة وكانوا يصنعون معدات حربية ،
وعندما رأو الملك خافوا وهربوا وهم يصرخون فأخبرهم أنه لا يفكر بأذيتهم ،
وأنه ملك لاجئ لديهم فاقد لملكه وبيته وعائلته وأصدقائه وأنه يطلب مساعدتهم لإسترجاع ما فقد.
إقرأ أيضا: يحكى أن رجلاً فقيرا كان يجمع الحجارة من الشارع
حدق الأقزام طويلا في الملك العملاق مقارنة بحجمهم الصغير ،
فقال له كبيرهم بعد مشاورات مع أهل الجزيرة ، يبدوا أنك رجل طيب جدا لهذا صدقناك وقررنا مساعدتك ،
ولكن بشرط وهو أن تتولى منصب الملك لدينا لمدة ثلاتة أشهر حتى تدفع عنا الظلم والأذى ،
من مملكة اللصوص الذين يهاجموننا لسرقة عسلنا.
وافق الملك على شرط الأقزام بدون تفكير ثم أقيم إحتفال للملك العملاق وصنعوا له ملابس وطعام وبيتا كبير ،
ونُصب كملك جديد على عرش جزيرة العسل ومملكة الأقزام.
ولقب بالملك العملاق الشهم ملك جزيرة العسل الصافي فقد كانوا يملكون غابات من النحل ويبيعون العسل في كل البلدان ،
وعندما إقترب هجوم اللصوص على المملكة إقترح عليهم الملك خطة ذكية وهي وضع الغراء في القنينات ودهنها بالعسل ،
وهكذا بمجرد أن يضعوا أيديهم بالقنينة أو الجرة تلتصق بالغراء فلا يستطيعون تحمل ذلك ولن يقدروا على الهجوم عليكم.
نجحت خطة الملك العملاق وتخلص الأقزام من اللصوص الذين يأتون لسرقة عسلهم ،
وقاموا بطلاء الغراء حول الجزيرة وكانت طريقة ناجحة في إبعاد الأعداء.
وانتهت الأشهر الثلاتة وأتى الموعد المتفق عليه ، كان صعب على الأقزام مفارقة ملكهم العملاق الطيب ،
لكنهم فكروا أيضا في مملكته التي تضيع وفكروا أيضا في كيفية الدخول إليها واسترجاع مُلك الملك.
فكر الملك والأقزام في خطة لاسترجاع المملكة وسأله كبير الأقزام إن كان لدى الوزير الطماع أي نقطة ضعف ،
فقال الملك نقطة ضعفه الوحيدة أنه مصاب بمرض آكلي كثرة اللحوم الحمراء ومرضه هذا لم يجد له أي علاج.
وهنا خطرت للجميع فكرة ذكية وطريفة تخلصهم من الملك المزور.
وفورا إنطلق الملك إلى مملكته وهو متنكر بزي بائع العسل ومعه أصدقائه الأقزام ،
وعند وصولهم بدأ الملك يردد عسل عسل صاف فيه دواء من كل داء يشفي الأحزان والحسد وكل الأسقام.
إقرأ أيضا: صندوق البريد
عسل يداوي الجراح والنقرس يا من تأكل اللحم ولا تشبع ، وظل يردد هذه الكلمات إلى أن سمعه أحد حراس القصر ،
فأخبر الوزير أو الملك المزور عن بائع العسل وعن قدرة شفاء عسله من كل الأمراض وخاصة مرض آكلي اللحوم.
وفور سماعه الخبر أمرهم بأن يأتوا به للقصر.
وعند دخول الملك العملاق والأقزام إلى القصر أخبر الملك أن شرط الشفاء من المرض هو أن يجتمع كل من في القصر ،
ويضعوا أيديهم داخل قنينات العسل بنفس الوقت ومعهم أنت أيها الملك المبجل.
وافق الوزير على شرط بائع العسل واستدعى كل من في القصر ووضع لهم العسل على الطاولات ،
وما إن وضعوا أيديهم حتى التصقت بالغراء المدهون بالعسل فلم يستطيعوا تخليص أنفسهم ،
وقام الأقزام بربط الملك المزور ومن معه من الخائنين.
وكشف الملك الحقيقي عن نفسه واستدعى شعبه وأخبرهم بما فعله الوزير الطماع.
فقام أهل المملكة بضربهم بالأحذية وطردهم خارج أسوار المملكة واحتفل كل من في المملكة بعد أن استرجع الملك ملكه وعرشه وحكمه العادل ،
وبعد أن تعلم الدرس وهو ألا يثق ثقة السادج بالآخرين ويضع حدودا لذلك ، فالتوازن مطلوب في كل شيء.
وتعلم أيضا عدم إفشاء أسرار مملكته إلا لمن هو حق وأهل لذلك ،
وظل يزور مملكة العسل وجزيرة الأقزام الطيبين طوال حياته ويحتفل معهم ويساعدهم.