قصة جميلة عن حلم وكرم الأمير معن بن زائدة
لما تولّى معن بن زائدة الإمارة دخل عليه أعرابي بلا استئذان من بين الذين قدموا لتهنئته وقال بين يدي معن :
أتذكر إذ لحافك جلد شاةٍ
وإذ نعلاك من جلد البعير
فأجاب معن : نعم أذكر ذلك ولا أنساه ، فقال الأعرابي :
فسبحان الذي أعطاك مُلكاً
وعلّمك الجلوس على السرير
قال معن : سبحانه على كل حال وذاك بحمد الله لا بحمدك.
فقال الأعرابي:
فلستُ مُسَلّماً إن عِشتُ دهراً
على معن بتسليم الأمير
قال : السلام سنة تأتي بها كيف شئت ، فقال :
أميرٌ يأكلُ الفولاذ سرّاً
ويطعم ضيفه خبز الشعير
قال : الزاد زادنا نأكل ما نشاء ونطعم من نشاء
فقال الأعرابي :
سأرحل عن بلادٍ أنتَ فيها
ولو جارَ الزمانُ على الفقير
قال معن : إن جاورتنا فمرحباً بك وإن رحلت عنّا فمصحوب بالسلامة.
قال :
فجد لي يا ابن ناقصة بشيءٍ
فإني قد عزمتُ على المسير
قال: أعطوه ألفَ درهم ، فقال:
قليل ما أتيت به وإني
لأطمع منك بالمال الكثير
قال : أعطوه ألفاً آخر.
إقرأ أيضا: عرف الإستعمار
فأخذ الأعرابي يمدحه بأربعة أبيات بعد ذلك وفي كل بيت مدح يقوله يعطيه الأمير معن ألفا ، فلما انتهى ،
تقدم الأعرابي يقبل رأس معن بن زائدة وقال : ما جئتك والله إلا مختبراً حلمك لما اشتهر عنك ،
فألفيت فيك من الحلم ما لو قسّم على أهل الأرض لكفاهم جميعا ، فقال :
سألت الله أن يبقيك ذخراً
فما لك في البرية من نظير
قال معن : أعطيناه على هجونا ألفين فأعطوه على مديحنا أربعة.