قصة حفظ الجوار من أخلاق الإسلام
قصة حفظ الجوار من أخلاق الإسلام
يروى عن محمد بن الجهم وجاره سعيد بن العاص ، أنه عرض محمد بن الجهم دارًا ، بخمسين ألف درهم ،
فلما حضروا ليشتروا ، قال : بكم تشترون مني جوار سعيد؟ وكان جارًا له.
فقالوا : وهل يبيع الجوار؟ فأجاب : وكيف لا يباع ويفرد بثمن ، وهو جوار من إذا سألته أعطاك ، وإن سكت ابتدأك ،
وَإن أسأت أحسن إليك؟! فبلغ ذلك سعيدًا فوجّه إليه بمائة ألف درهم ، وقال : أمسك عليك دارك.
الجار السوء والحيلة في استرداد ما سرقه
ويحكى أن رجلاً أعمى كان كلما وفّر شيئًا من الدراهم ، يدفنه في بستان وراء بيته ، فأحس بذلك جارٌ له فسرق ما كان قد دفنه ،
ولما شعر الأعمى أن ماله قد سرق ، ذهب إلى جاره الذي ظن أنه هو السارق ، وقال : قد أتيتك مستنصحًا ،
فقال له : قل. قال : إن عندي قليل من المال ، ولا أعلم أي طريق خير؟
أما أن أخبأه ، أو أن أضعه عند أحد الناس.
فقال : خير لك أن تخبأه ، لأن في وضعه عند الناس خطرًا ، فشكره ومضى!
وفي الحال ذهب ذلك الجار بالمال الذي سرقه ، ورده إلى الحفرة التي كان مدفونًا فيها ،
مؤملاً أن يأخذه مع ما سيدفنه ذلك الأعمى.
فذهب الأعمى إلى الحفرة ، فوجد المال فأخذه ، ثم أتى الجار إلى الحفرة ، فلم يجد شيئًا ،
فرجع بخفي حنين ، أي عاد خائبًا نادمًا على ما فعل.
احتمال الأذى من الجار السوء
ويروى في ذلك أنه كان هناك إمرأة تمتلك قط جميل ، تحبه كثيرًا ، لبراعته في صيد الفئران ، وتتسلى بمداعبته ساعات الإنفراد ،
فخرج القط يومًا ، ولم يعد كعادته ، فقلقت المرأة عليه وخرجت تبحث عنه ، فوجدته في الطريق قتيلاً برصاصة في رأسه ،
فحزنت عليه حزنًا شديدًا.
إقرأ أيضا: قصة حاتم الأصم وأولاده واليقين بالله
وبعد أيام قلائل ، بلغها أن جارها هو الذي قتل ذلك القط ، لحاجة في نفسه ، فاغتاظت من ذلك الفعل السيء ،
وصممت على الانتقام من جارها الذي لم يراعي حرمة الجوار ، ولم يشك ذلك القط إليها أبدًا!
فاشترت جملة من مصايد الفئران ، وصادت بها أكثر من خمسين فأرًا ، ثم وضعت الفئران في صندوق ، وكتبت عليه اسم جارها ،
وأرسلته إليه بالبريد ، ولما تسلم الرجل الصندوق فرح به ، وظنه هدية نفيسة من أحد أصدقائه.
ففتحه ليرى ما فيه ، وإذا الفئران خرجت تثب في وجهه ، وانتشرت في أنحاء الغرفة ، وهو يتقزز من ذلك المنظر الخبيث ،
ولم يدر سببًا لهذه المكيدة ، ثم التفت إلى الصندوق فرأى ورقة مكتوبًا فيها العبارة الآتية :
( لقد قتلت قطي ، وحرمتني من وجوده ، فأهديت لك هذه الفئران التي أصبحت تمرح في بيتي بلا رقيب ،
فخذها لتعرف قيمة القطط!
فاتعظ الرجل بهذه المصيبة التي اعتبرها جزاءًا حقًا على سوء فعلته.
ذكر حسن الجوار في القرآن الكريم : لكن الناس لاموا هذه المرأة على فعلها ، لأنها قابلت الإساءة بالإساءة ،
وكان عليها أن تقابل الإساءة بالإحسان والعفو ، لا بالانتقام والتشفي ، فقد قال الله سبحانه وتعالى ، في كتابه الكريم ،
بسم الله الرحمن الرحيم : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) صدق الله العظيم.
الآية 22 من سورة النور.