قصة حقيقية حدثت يوم عرفة
يقول أحد الأخوة : من سنة بالضبط ، السوبر ماركت الذي أملكه حصل فيه ماس كهربائي ، واشتعلت النار في أكثر من ثلاثة أرباع البضاعة.
كانت هذه الحادثة قبل يوم عرفة بيومين!
ولكم أن تتخيلوا الحال التي كنت بها ، سندخل على عيد الأضحى وشغلي وبضاعتي ومحلي وحالي صعب جداً جدا.
يعني لا يوجد لا عيدية ولا عيد ولا فرحة ، فقط حزن ونكد وديون.
وكنت وقتها عريس جديد متزوج من شهرين ، والبضاعة التي احترقت تقدر بحوالي 15 ألف جنيه.
وبدأت أسأل نفسي : ماذا أفعل؟ كيف أتصرف؟ هل أسأل زوجتي أن أبيع ذهبها وهي ما زالت عروس جديدة؟
وهل أقترض من أحد؟ ماذا أفعل؟
فقلت أفضل حل أن أقترض من أحد أصحابي.
فكنت كلما أدخل على أحدهم وأطلب منه المبلغ يقول لي : دخلنا على عيد ، اعذرني لا أستطيع أن أساعدك!
بقيت يومين على هذه الحال ، آخر شيء حصلت من معارفي وأصدقائي مبلغ 800 جنيه فقط ،
وهذا المبلغ بالنسبة للبضاعة التالفة نقطة في بحر طبعا.
ليلتها رجعت إلى بيتي فالتقيت بجاري وأنا عائد للبيت فقال لي : كل سنة وأنت طيب يا أستاذ ، لا تنسَ الصيام غدا.
فقلت بيني وبين نفسي : يا أخي ، أي صيام هذا وأنا في هذا الحال؟!
دعني وشأني.
زوجتي أرادت أن تواسيني فطلبت مني أن نخرج ونتمشى قليلا ، فخرجنا فعلا ،
والمشوار لم يكن جميل أبداً وأنا حزين ومكتئب وأفكر بوضعي طوال الوقت!
فلما وصلنا البيت قالت لي : هيا للسحور فقد اقترب الفجر.
فقلت لها : أي سحور هذا؟
إقرأ أيضا: رجل مسلم جاءته رؤيا بأن يذهب للكنسية
لم أتذكر حتى أن يوم عرفة سيدخل بعد قليل
فقلت لها : أنا في وادي وأنت في وادي آخر ، أي سحور ، وأي عرفة؟
ألا ترين وضعنا الذي نحن فيه؟
فقالت : ربنا قدّر لنا هذا وأكيد أنه لن ينسانا ، لكن الصيام لابد منه!
المهم أصرّت زوجتي أن أصوم ، وفعلاً نوينا الصيام ، وحين اقتربت ساعة الإفطار ، قالت لي : ادعو ربّك.
فقلت : أدعو بماذا؟
قالت : ادعو بأي شيء تريده.
قلت لها : يعني أدعو بـ 15 ألف جنيه ، وستنزل من السماء الآن؟ معقول؟!
قالت : الذي خلق السماء قادر على كل شيء ،
فتركتني وقامت تصلي وتدعو الله.
وأنا تكبّرت عن الدعاء ، وعن الطريقة التي يستجاب بها الدعاء ، وانتهى اليوم ، وفطرنا ولم أدعو الله بحرف.
وبصراحة لم يكن في بالي شيء أصلاً غير مبلغ ال 15 ألف جنيه لأستعيد به سعادتي!
بعد المغرب بساعة اتصل عليّ أحد أصدقائي وقال لي : انزل على القهوة أريدك.
نزلت من بيتي إلى القهوة لأقابله ، فقال لي : يا أخي ، لن أجد أحد أفضل منك لهذا الأمر
قلت : خير إن شاء الله؟
قال : أحد أصدقائي إستلم مبلغ جمعية ويريد مشروع يشغل هذا المبلغ فيه ، فما رأيك أن نكلمه ويستثمر ماله معك؟!
فرحت جداً بالعرض ، وكلمنا الرجل ونزل إلينا على القهوة.
قال لي : أنا معي 30 ألف جنيه ، ومحتاج أن أستثمرهم.
قلت له : السوبر ماركت الذي عندي يحتاج 15 ألف لأشتري بهم بضاعة جديدة ،
ما رأيك أن تضع نصف المبلغ في البضاعة ، والنصف الثاني في تجديد المحل ،
ولك 50 بالمئة من الأرباح بعد أن تأخذ ال 30 ألف جنيه؟!
إقرأ أيضا: المنصور والرجل الملهوف
وعلى هذا الحال اتفقنا وجددت السوبر الماركت واشتغل بعد العيد وكنت يومها أطير من شدة الفرح.
قبل حادثة السوبر ماركت بأسبوع ، أمي أصابها مرض السرطان ، وعملنا تحاليل لها ، نتيجتها كانت يوم عرفة ،
والنتيجة كانت بالسالب ، يعني أمي لم تكن مريضة!
أمي حين عرفت بالخبر وأنها سليمة بكت طوال اليوم من كرم ربنا ،
السوبر ماركت عاد للعمل ، وأمي ظهرت نتيجة مرضها سليمة ،
وختم اليوم بأن اتصلت زوجتي بي وبشرتني بأنها حامل ، وهي تطير من الفرحة.
فجأةً قالت لي : هل رأيت الدعاء والصوم يوم عرفة ماذا يفعل؟
قلت في نفسي : سبحان الله ، الدنيا كلها اسودت في وجهي وقتها ، في حين أن الموضوع سهل ويُحل بدعوة.
تعلمت يومها درساً في الأدب مع الله عزّ وجل ، لن أنساه في حياتي ،
الله معنا ونحن نعبده ، يبتلينا أحياناً بالهموم لنعود له ونتوب.
وبعد أن انتهى العيد والسوبر ماركت اشتغل ومرّت الأيام ، والـ 30 ألف جنيه اكتملوا ،
وجئت أرجعهم لصاحبهم، كانت الحكاية مختلفة تماما!
قال لي : بصراحة ، المبلغ ليس لصاحبي هذا!
المبلغ هذا لشخص تبرع بها لله لأن زوجته شفيت من مرض السرطان ،
فأحببنا أن نساعدك بطريقة غير مباشرة ، ونقف معك في أزمتك!
يعني المبلغ هذا لك ، ولا يوجد أحد ليطالبك به .
والله أيها الإخوة والأخوات ، يومها ذهبت إلى البيت ، ودخلت غرفتي وبقيت ساعة كاملة أبكي بكاء الأطفال بأنين من كرم ورحمة ربنا.
كلما أتخيل كرم المولى عزّ وجلّ في حياتي رغم أني لم أكن ملتزماً تماما ، أبكي بدل الدموع دما ،
أبكي على حسرة الوقت الذي فات من عمري وأنا بعيد عنه.
الموقف هذا علمني ماذا يعني يوم عرفة ،
وماذا يعني دعاء يوم عرفة ، ماذا يعني صوم يوم عرفة؟!
وكان هذا الموقف سبباً في التزامي وتوبتي ورجوعي إلى الله من يومها.