قصة دهاء الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه
دخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى المسجد ذات يوم فرأى صبيّ يبكي بكاء مريرا ،
وحول الصبي جماعة من الرجال يحاولون إسكاته ، فلمّا رآه يبكي ، قال له: ما بالك يا صبي؟!
فقال الصبي: يا مولاي ؛ إنّ هؤلاء الرجال الذين تراهم خرج أبي معهم في سفر وكان أبي صاحب أموال ،
وأخذهم معه للتجارة ، فعاد هؤلاء الرجال ولم يعد أبي معهم ، فلما سألتهم عنه قالوا: مات!
فسألتهم عن تركته من الأموال ، فقالوا: ما خلّف شيئا ، فلما اشتكيتهم إلى القاضي استحلفهم فحلفوا له وأطلقهم!
فقال علي : لأحكمنّ بحكم ما حكم إلا داوود عليه السلام.
ومن ثم دعاهم جميعاً ونظر إلى وجوههم ، وقال: أنبئوني بما فعلتم بوالد هذا الصبي ، فقالوا له بصوت واحد: مات!
ففرق علي بن أبي طالب بينهم ، وأوقف كل رجل منهم في جهة من المسجد ، ثمّ دعا بكاتبه وقال له أكتب ،
ومن ثم قال للناس على حده إذا رأيتموني كبّرت فكبّروا معي كلكم!
ومن ثمّ دعا بواحد من المتّهمين ، وقال له: أخبرني في أي يوم مات أبو الصبي؟ ، فقال الرجل:
في يوم كذا وكذا وشهر كذا وكذا ووقت كذا وكذا ، فقال علي: فمن غسّله؟” ، قال الرجل: فلان.
فلما سأله عن كل هذا كبر علي رضي الله عنه وكبر الناس معه كما أمرهم!
فارتاب الباقون من الرجال لما رأوا وسمعوا التكبير ، ولم يشكّوا أن صاحبهم قد أخطأ بحديثه.
فأمر علي بسجن الرجل الذي سأله ، ومن ثم دعا بالآخر ، وقال له: قد علِمتُ بما صنعتم به ،
فقال الرجل على الفور : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد منهم ، ولقد كنت والله كارها لقتله!
إقرأ أيضا: لا تتوضأ وأنت في غفلة
فاعترف الرجل ، وأقرّ بما فعله هو وأصحابه بوالد الصبي ، ولما دعاهم واحداً واحد ،
أقروا بالقتل جميعا ؛ ظناً منهم أن صاحبهم الأول قد إعترف لما سمعوا التكبير.
فانكشفت الحقيقة بتلك الحيلة الذكية ، وعاقب علي رضي الله عنه المجرمين بفعلتهم الشنيعة ،
وشفى غليل الصبي على والده.