قصص منوعة

قصة ساخرة للكاتب التركي عزيز نيسين

قصة ساخرة للكاتب التركي عزيز نيسين

جاءت بقرة إلى باب قصر السلطان راكضة ، وقالت لرئيس البوابين : أخبروا السلطان بأن بقرة تريد مقابلته.

أرادوا صرفها ، فبدأت تخور ، لا أخطو خطوة واحدة من أمام الباب قبل أن أواجه السلطان.

أرسل رئيس البوابين للسلطان يقول : مولانا ، بقرة من رعيتكم تسأل المثول أمامكم.

أجاب السلطان : لتأتِ لنرى بأية حال هي هذه البقرة.

قالت البقرة : مولاي ، سمعت بأنك توزع أوسمة ، أريد وساما.

فصرخ السلطان : بأي حق؟ وماذا قدمت؟ ما نفعك للوطن حتى نعطيك وساماً؟

قالت البقرة : إذا لم أعط أنا وساماً فمن يعطى؟!

تأكلون لحمي ، وتشربون حليبي ، وتلبسون جلدي ، حتى روثي لا تتركونه ،

بل تستعملونه ، فمن أجل وسام ماذا عليّ أن أعمل أيضا؟!

وجد السلطان الحق في طلب البقرة ، فأعطاها وساماً من المرتبة الثانية.

علقت البقرة الوسام في رقبتها ، وبينما هي عائدة من القصر ، ترقص فرحاً التقت البغل ، ودار بينهما الحديث :

مرحباً يا أختي البقرة.
مرحبا يا أخي البغل.

ما كل هذا الإنشراح؟ من أين أنت قادمة؟

شرحت البقرة كل شيء بالتفصيل ، وعندما قالت أنها أخذت وساماُ من السلطان ،

هاج البغل ، وبهياجه وبنعاله الأربعة ، ذهب إلى قصر السلطان.

وأخذ يصرُخ عند باب القصر : سأواجه مولانا السلطان.

ممنوع.

إلا أنه وبعناده الموروث عن أبيه ، أبى التراجع عن باب القصر ، نقلوا الصورة إلى السلطان.

فقال : البغل أيضاً من رعيتي ، فليأتِ ونرى؟

1 3 4 10 1 3 4 10

مَثُل البغل بين يدي السلطان ، ألقى سلاماً بغلياً ، قبّل اليد والثوب ، ثم قال بأنه يريد وساما.

فسأله السلطان : ما الذي قدمته حتى تحصل على وسام؟

إقرأ أيضا: لغز المغارة المظلمة

فقال البغل : يا مولاي ، ومن قدم أكثر مما قدمت؟!

ألست من يحمل مدافعكم وبنادقكم على ظهره أيام الحرب؟

ألست من يركب أطفالكم وعيالكم ظهره أيام السلم؟

لولاي ما استطعتم فعل شيء.

فأصدر السلطان قرارا ، إذ رأى البغل على حق ، فقال السلطان : أعطوا مواطني البغل وساماً من المرتبة الأولى.

وبينما كان البغل عائداً من القصر بنعاله الأربعة وهو في حالة فرح قصوى ، التقى بالحمار.

قال الحمار : مرحباً يا ابن الأخ.
قال البغل : مرحباً أيها العم ، من أين أنت قادم وإلى أين أنت ذاهب؟

حكى له البغل حكايته ، حينها قال الحمار : ما دام الأمر هكذا سأذهب أنا أيضاً إلى سلطاننا وآخذ وساما.

وركض بنعاله الأربعة إلى القصر ، صاح حراس القصر فيه ، لكنهم لم يستطيعوا صده بشكل من الأشكال ،

فذهبوا إلى السلطان وقالوا له : مواطنكم الحمار يريد المثول بين أيديكم ، هلا تفضلتم بقبوله أيها السلطان؟

قال السلطان : ماذا تريد يا مواطننا الحمار؟

فأخبر الحمار السلطان رغبته ، فقال السلطان وقد وصلت روحه إلى أنفه :

البقرة تنفع الوطن والرعية بلحمها وحليبها وجلدها وروثها.

وإذا قلت البغل ، فإنه يحمل الأحمال على ظهره في الحرب والسلم ، وبالتالي فإنه ينفع وطنه.

ماذا قدمت أنت حتى تأتي بحمرنتك وتمثل أمامي دون حياء وتطلب وساماً؟

ما هذا الخلط الذي تخلطه؟

فقال الحمار وهو يتصدر مسرورا : رحماك يا مولاي السلطان ، إن أعظم الخدمات هي تلك التي تُقدم إليكم من مستشاريكم الحمير ،

فلو لم يكن الألوف من الحمير مثلي في مكتبكم ، أفكنتم تستطيعون الجلوس على العرش؟!

هل كانت سلطتكم تستمر لولا الحمير؟!
وكذلك لو لم تكن رعيتكم من الحمير ، لما بقيت في الحكم يوم واحد.

عندها أيقن السلطان أن الحمار الذي أمامه على حق ، ولن يستحق وسام كغيره ،

وإنما نفتح له خزائن الاسطبل ، ليغرف منها كما يغرف غيره من الحمير!مج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?